المذكور في خبائه، وأخرجوا المال، فقال لهم: لا أخذت منه هذا العيار ولا أخذت منه إلّا ذهبا مشجّرا، ولا يؤخذ منه في هذا العام إلّا أجفان البلاد، ونقل كلامه إلى المعتمد، فبادر بالقبض عليه وعلى النصارى، ونكّل بهم، وقتل اليهودي بعد أن بذل في نفسه زنة جسمه ذهبا، فلم يقبل منه، واحتبس النصارى، وراسله الطاغية في إطلاقهم، فأبى إلّا أن يخلي منه حصن الحدود، فكان ذلك. واستصرخ اللّمتونيّين، وأجاز البحر بنفسه، وأقسم الطاغية بإيمانه المغلّطة ألّا يرفع عنه يده. وهاجت حفيظة المعتمد، واجتهد في جواز المرابطين، وكان مما هو معلوم من الإيقاع بالطاغية في وقعة الزّلاقة «١» ، فإنه الذي أصلى نارها بنفسه، فعظم بلاؤه، وشهر صبره، وأصابته الجراح في وجهه ويده، رحمه الله. وفي ذلك يقول أبو بكر بن عبادة المرّي «٢» :
وما أثر «٤» الجراحة ما رأيتم ... فتوهنها المناصل والرّماح
ولكن فاض سيل البأس «٥» منها ... ففيها من مجاريه انسياح «٦»
وقد صحّت وسحّت بالأماني ... وفاض الجود منها والسّماح
رأى منه أبو يعقوب فيها ... عقابا لا يهاض له جناح «٧»
فقال له لك القدح المعلّى ... إذا ضربت بمشهدك القداح
ولما اتصلت به الصّيحة؛ بين يدي دخول المدينة، ركب في أفراد من عبيده؛ وعليه قميص يشفّ عن بدنه، والسيف منتضى بيده، ويمّم باب الفرج، فقدّم الداخلين، فردّهم على أعقابهم؛ وقتل فارسا منهم؛ فانزعجوا أمامه؛ وخلّفوا الباب؛ فأمر بإغلاقه؛ وسكنت الحال؛ وعاد إلى قصره. وفي ذلك