ولا لي بالإسراف فكر محدث ... سيغدو حبيبي أو سيشعر مطرف
ولا أنا ممّن لهوه جلّ شأنه ... بروض أنيق أو غزال مهفهف
ولا أنا ممّن أنسه غاية المنى ... بصوت رخيم أو نديم وقرقف
ولا أنا ممّن تزدهيه مصانع ... ويسبيه بستان ويلهيه مخرّف
ولا أنا ممن همّه جمعها فإن ... تراءت يثب بسعي لها وهو مرجف
على أنّ دهري لم تدع لي صروفه ... من المال إلّا مسحة أو مجلف
ولا أنا ممن هذه الدار همّه ... وقد غرّه منها جمال وزخرف
ولا أنا ممن للسّؤال قد انبرى ... ولا أنا ممن صان عنه التّعطف
ولا أنا ممن نجّح الله سعيهم ... فهمّتهم فيها مصلّى ومصحف
فلا في هوى أضحى إلى اللهو قائدا ... ولا في تقى أمسى إلى الله يزلف
أحارب دهري في نقيض طباعه ... وحربك من يقضي عليك تعجرف
وأنظره شزرا بأصلف ناظر ... فيعرض عنّي وهو أزهى وأصلف
وأضبطه ضبط المحدّث صحفه ... فيخرج في التّوقيع أنت المصحف
ويأخذ مني كلّ ما عزّ نيله ... ويبدو بجهلي منه في الأخذ محتف
أدور له في كل وجه لعلّني ... سأثبته وهو الذي ظلّ يحذف
ولما يئسنا منه تهنّا ضرورة ... فلم تبق لي فيها عليه تشوّف
تكلّفت قطع الأرض أطلب سلوة ... لنفسي فما أجدى بتلك التكلّف
وخاطرت بالنفس العزيزة مقدما ... إذا ما تخطّى النّصل قصد مرهف
وصرّفت نفسي في شؤون كثيرة ... لحظّي فلم يظفر بذاك التّصرّف
وخضت لأنواع المعارف أبحرا ... ففي الحين ما استجرتها وهي تترف
ولم أحل من تلك المعاني بطائل ... وإن كان أهلوها أطالوا وأسرفوا
وقد مرّ من عمري الألذّ وها أنا ... على ما مضى من عهده أتلهّف
وإني على ما قد بقي منه إن بقي ... لحرمة ما قد ضاع لي أتخوّف
أعدّ ليالي العمر والفرض صومها ... وحسبك من فرض المحال تعسّف
على أنها إن سلّمت جدليّة ... تعارض آمالا عليها ينيّف
تحدّثني الآمال وهي كدينها ... تبدّل في تحديثها وتحرّف
بأنّي في الدّنيا سأقضي مآربي ... وبعد يحقّ الزهد لي والتقشّف
وتلك أمان لا حقيقة عندها ... أفي قرني الضّدّين يبقى التكلّف؟