وربّ أخلّاء شكوت إليهم ... ولكن لفهم الحال إذ ذاك لم يفوا «١»
فبعضهم يزري عليّ وبعضهم ... يغضّ وبعض يرثي ثم يصدف
وبعضهم يومي إليّ تعجّبا ... وبعض بما قد رأيته يتوقف
وبعضهم يلقي جوابه على ... مقتضى العقل الذي عنه يتوقّف
يسيء استماعا ثم يعدّ إجابة ... على غير ما تحذوه يحذو ويخصف
ولا هو يبدي لي عليّ تعقّلا ... ولا هو يرثي لي ولا هو يعنف
وما أمرنا إلّا سواء إنما ... عرفنا وكلّ منهم ليس يعرف
فلو قد فرغنا من علاج نفوسنا ... وحطّوا الدنيّة من عليل وأنصفوا «٢»
أما لهم من علّة أرمت بهم ... ولم يعرفوا أغوارها وهي تتلف؟
وحضنا لهم في الكتب عن كنه أمرهم ... ومثلي عن تلك الحقائق يكشف
وصنّفت في الآفات كلّ غريبة ... فجاء كما يهوى الغريب المصنّف
وليس عجيبا من تركّب جهلهم ... فإن يحجبوا عن مثل ذاك وصرّفوا «٣»
إذا جاءنا بالسّخف من نزو عقله ... إذا ما مثلناه أزهى وأسخف
فما جاءنا إلّا بأمر مناسب ... أينهض عن كفّ الجبان المثقّف؟
ولكن عجيب الأمر علمي وغفلتي ... فديتكم أيّ المحاسن أكشف
إلّا أنها الأقدار يظهر سرّها ... إذا ما وفى المقدور فالرأي يخلف
أيا ربّ إن اللّب طاش بما جرى ... به قلم الأقدار والقلب يرجف
وإنّا لندعوهم ونخشى وإنما ... على رسمك الشّرعي من لك يعكف
أقول وفي أثناء ما أنا قائل ... رأيت المنايا وهي لي تتخطّف
وإني مع السّاعات كيف تقلّبت ... لأسهمها إن فوّقت متهدّف
وما جرّ ذا التّسويف إلّا شيبتي ... تخيّل لي طول المدى فأسوّف
إذا جاء يوم قلت هو الذي يلي ... ووقتك في الدنيا جليس مخفّف
أقدّم رجلا عند تأخير أختها ... إذا لاح شمس فالنّفس تكسف
كأنّي لداني المراقد منهم ... ولم أودعهم والخضّ ريّان ينسف
وهبني أعيش هل إذا شاب مفرقي ... وولّى شبابي هل يباح التّشوّف؟
وكيف ويستدعي الطريق رياضة ... وتلك على عصر الشّباب توظّف