فلو سمحت لي بالتفات وحلّ من ... مهاوي الهوى والهون جدّ تفلّتي
ولكنها همّت بنا فتذكّرت ... قضاء قضاة الحسن قدما فصدّت
أجلت خيالا إنني لا أجلّه ... ولم أنتسب منه لغير تعلّة
على أنني كلّي وبعضي حقيقة ... وباطل أوصافي وحقّ حقيقتي
وجنسي وفصلي والعوارض كلّها ... ونوعي وشخصي والهواء وصورتي «١»
وجسمي ونفسي والحشا وغرامه ... وعقلي وروحانيّتي القدسيّة
وفي كلّ لفظ عنه ميل لمسمعي ... وفي كل معنى منه معنى للوعتي
ودهري به عيد ليوم عروبة ... وأمري أمري والورى تحت قبضتي
ووقتي شهود في فناء شهدته ... ولا وقت لي إلّا مشاهد غيبة
أراه معي حسّا ووهما وإنه ... مناط الثّريّا من مدارك رؤيتي
وأسمعه من غير نطق كأنه ... يلقّن سمعي ما توسوس مهجتي
ملأت بأنوار المحبّة باطني ... كأنّك نور في سرار سريرتي
وجلّيت بالإجلال أرجاء ظاهري ... كأنّك في أفقي كواكب زينة
فأنت الذي أخفيه عند تستّري ... وأنت الذي أبديه في حين شهرتي
فته أحتمل، واقطع أصل واعل استفل ... ومر أمتثل واملل أمل، وارم أثبت
فقلبي إن عاتبته فيك لم أجد ... لعتبي فيه الدهر موقع نكنة
ونفسي تنبو عن سواك نفاسة ... فلا تنتمي إلّا إليك بمنّة
تعلّقت الآمال منك بفوق ما ... أرى دونه ما لا ينال بحيلة
وحامت حواليها وما وافقت حمى ... سحائب يأس أمطرت ماء عبرتي
فلو فاتني منك الرّضى ولحقتني ... بعفو بكيت الدهر فوت فضيلة
ولو كنت في أهل اليمين منعّما ... بكيت على ما كان من سبقيّة
وكم من مقام قمت عنك مسائلا ... أرى كلّ حيّ كلّ حيّ وميّت
أتيت بفاراب أبا نصرها فلم ... أجد عنده علما يبرّد غلّتي
ولم يدر قولي ابن سيناء سائلا ... فقل كيف أرجو عنده برء علّتي
فهل في ابن رشد بعد هذين مرتجى ... وفي ابن طفيل لاحتثاث مطيّتي؟
لقد ضاع لولا أن تداركني حمى ... من الله سعي بينهم طول مدّتي
فقيّض لي نهجا إلى الحقّ سالكا ... وأيقظني من نوم جهلي وغفلتي