ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقال «١»
وكم من رجال قد رأينا ودولة «٢» ... فبادوا جميعا مسرعين وزالوا
وكم من جبال قد علت شرفاتها ... رجال فماتوا والجبال جبال «٣»
وقال «٤» : وقد مرّ من ذكر الشريف القاضي أبي علي حسين بن يوسف بن يحيى الحسني في عداد شيوخه وقال: حدّثني أبو العباس الرّندي عن القاضي أبي العباس بن الغمّاز «٥» ، قال: لمّا قدم القاضي أبو العباس بن الغماز من بلنسية، نزل بجاية؛ فجلس بها في الشهود مع عبد الحق بن ربيع «٦» ، فجاء عبد الحق يوما، وعليه برنس أبيض، وقد حسنت شارته، وكملت هيئته، فلمّا نظر إليه ابن الغماز أنشده:
[الخفيف]
لبس البرنس الفقيه فباهى ... ورأى أنه المليح فتاها «٧»
لو زليخا رأته حين تبدّى ... لتمنّته أن يكون فتاها
وقال أيضا: إن ابن الغمّاز جلس لارتقاب الهلال بجامع الزّيتونة، فنزل الشهود من المئذنة وأخبروا أنهم لم يهلّوه «٨» . وجاء حفيد له صغير، فأخبره أنه أهلّه، فردّهم معه، فأراهم إياه، فقال: ما أشبه الليلة بالبارحة. وقد «٩» وقع لنا مثل هذا مع أبي الربيع بن سالم «١٠» ، فأنشدنا فيه:[الطويل]
توارى هلال الأفق عن أعين الورى ... وأرخى حجاب الغيم دون محيّاه
فلمّا تصدّى لارتقاب شقيقه ... تبدّى له دون الأنام فحيّاه