تباعدت لما زادني القرب لوعة ... لعلّ فؤادي من جواه يفيق
ورمت شفاء الداء بالداء مثله ... وإني «١» بألّا أشتفي لحقيق
وتالله ما للصّبّ في الحبّ راحة ... على كلّ حال إنه لمشوق
ويا «٢» ربّ قد ضاقت عليّ مسالكي «٣» ... فها أنا في بحر الغرام غريق
ولا سلوة ترجى ولا صبر «٤» ممكن ... وليس إلى وصل الحبيب طريق
ولا الحبّ عن تعذيب قلبي ينثني ... ولا القلب للتّعذيب منه يطيق
شجون يضيق الصّدر عن زفراتها ... وشوق نطاق الصبر عنه يضيق
نثرت عقود الدّمع ثم نظمتها ... قريضا فذا درّ وذاك عقيق
بكيت أسى حتى بكى حاسدي معي ... كأنّ عذولي عاد وهو صديق «٥»
ولو أنّ عند الناس بعض محبّتي ... لما كان يلفى «٦» في الأنام مفيق
أيا عين كفّي الدمع ما بقي الكرى ... إذا منعوك النّوم «٧» سوف تذوق
ويا نائما «٨» عن ناظريّ أما ترى «٩» ... لشمسك من بعد الغروب شروق؟
رويدك رفقا بالفؤاد فإنه ... عليك وإن عاديته «١٠» لشفيق
نقضت عهودي ظالما بعد عقدها ... ألا إنّ عهدي كيف كنت وثيق
كتمتك حبّي «١١» يعلم الله مدّة ... وبين ضلوعي من هواك حريق
فما زلت بي حتى فضحت «١٢» فإن أكن ... صبرت «١٣» فبعد «١٤» اليوم لست أطيق
وقال «١٥» : [الكامل]
ومورّد الوجنات معسول اللّمى ... فتّاك لحظ «١٦» العين في عشّاقه