عناية قبل بدء الخلق سابقة ... من أجلها «١» كان آتيه وذاهبه
جاءت تبشّرنا الرّسل الكرام به ... كالصّبح تبدو تباشيرا كواكبه «٢»
أخباره سرّ علم الأوّلين وسل ... بدير تيماء ما أبداه راهبه
تطابق الكون في البشرى بمولده ... وطبّق الأرض أعلاما تجاوبه
فالجنّ تهتف إعلانا هواتفه ... والجنّ تقذف إحراقا ثواقبه
ولم تزل عصمة التأييد تكنفه ... حتى انجلى الحقّ وانزاحت شوائبه
سرى وجنح ظلام الليل منسدل ... والنّجم لا يهتدي في الأفق ساربه
يسمو لكلّ سماء منه منفرد ... عن الأنام وجبرائيل صاحبه
لمنتهى وقف الرّوح الأمين به ... وامتاز قربا فلا خلق يقاربه
لقاب «٣» قوسين أو أدنى فما علمت ... نفس بمقدار ما أولاه واهبه
أراه أسرار ما قد كان أودعه ... في الخلق والأمر باديه وغائبه
وآب والبدر في بحر الدّجى غرق ... والصّبح لمّا يؤب للشرق آيبه
فأشرقت بسناه الأرض واتّبعت ... سبل النجاة بما أبدت مذاهبه
وأقبل الرّشد والتاحت زواهره ... وأدبر الغيّ فانجابت «٤» غياهبه
وجاء بالذكر آيات مفصّلة ... يهدى بها من صراط الله لا حبه
نور من الحكم لا تخبو سواطعه ... بحر من العلم لا تفنى عجائبه
له مقام الرّضا المحمود شاهده ... في موقف الحشر إذ نابت نوائبه
والرّسل تحت لواء الحمد يقدمها ... محمد أحمد السامي مراتبه
له الشّفاعات مقبولا وسائلها ... إذا دهى الأمر واشتدّت مصاعبه
والحوض يروي الصّدى من عذب مورده ... لا يشتكي غلّة الظمآن شاربه
محامد المصطفى لا ينتهي أبدا ... تعدادها، هل يعدّ القطر حاسبه؟
فضل تكفّل بالدّارين يوسعها ... نعمى ورحمى فلا فضل يناسبه
حسبي التوسّل منها بالذي سمحت ... به القوافي وجلّتها غرائبه
حيّاه من صلوات الله صوب حيا ... تحدى إلى قبره الزّاكي نجائبه