أملك به، وأعمل الرّحلة في طلب العلم والازدياد، وترقّى «١» إلى الكتابة عن ولد السلطان أمير المسلمين بالمغرب أبي سالم إبراهيم ابن أمير المسلمين أبي الحسن علي بن عثمان بن يعقوب، ثم عن السلطان، وعرف في باب «٢» الإجادة. ولمّا جرت الحادثة على السلطان صاحب الأمر بالأندلس، واستقرّ بالمغرب، أنس به، وانقطع إليه، وكرّ صحبة «٣» ركابه إلى استرجاع حقّه، فلطف منه محلّه، وخصّه بكتابة سرّه.
وثابت الحال، ودالت الدولة، وكانت له الطائلة، فأقرّه على رسمه معروف الانقطاع والصّاغية، كثير الدالّة، مضطلعا بالخطّة خطّا وإنشاء ولسنا ونقدا، فحسن منابه، واشتهر فضله، وظهرت مشاركته، وحسنت وساطته، ووسع الناس تخلّقه، وأرضى للسلطان حمله، وامتدّ في ميدان النثر «٤» والنظم باعه، فصدر عنه من المنظوم في أمداحه قصائد بعيدة الشّأو في مدى الإجادة، [حسبما يشهد بذلك، ما تضمّنه اسم السلطان، أيّده الله، في أول حرف الميم، في الأغراض المتعددة من القصائد والميلاديّات، وغيرها «٥» ] . وهو بحاله الموصوفة إلى الآن «٦» ، أعانه الله تعالى «٧» وسدّده.
شيوخه: قرأ «٨» العربية على الأستاذ رحلة الوقت «٩» في فنّها أبي عبد الله بن الفخّار ثم على إمامها «١٠» القاضي الشريف، إمام الفنون اللّسانية، أبي القاسم محمد بن أحمد الحسني، والفقه والعربية على الأستاذ المفتي أبي سعيد بن لب، واختصّ بالفقيه الخطيب الصّدر المحدّث أبي عبد الله بن مرزوق فأخذ عنه كثيرا من الرّواية، ولقي القاضي الحافظ أبا عبد الله المقري عندما قدم «١١» رسولا إلى الأندلس، وذاكره، وقرأ الأصول الفقهية على أبي علي منصور الزّواوي، وروى «١٢» عن جملة، منهم القاضي أبو البركات ابن الحاج، والمحدّث أبو الحسن «١٣» ابن التلمساني، والخطيب أبو عبد الله ابن اللوشي، والمقرئ أبو عبد الله ابن بيبش. وقرأ بعض الفنون العقلية بمدينة فاس على الشّريف الرحلة الشهير أبي عبد الله العلوي التّلمساني، واختصّ به اختصاصا لم يخل فيه من إفادة «١٤» مران وحنكة في الصّناعة «١٥» .