نهر يهيم بحسنه من لم يهم ... ويجيد فيه الشّعر من لم يشعر
ما اصفرّ وجه الشمس عند غروبها ... إلّا لفرقة حسن ذاك المنظر
ولا خفاء ببراعة هذا النظم «١» . وقال منها «٢» :
أرأت جفونك مثله من منظر ... ظلّ وشمس مثل خدّ معذّر «٣»
وهذا تتميم عجيب لم يسبق إليه. ثم قال منها:
وقرارة كالعشر بين خميلة ... سالت مذانبها بها كالأسطر
فكأنّها مشكولة بمصندل ... من يانع الأزهار أو بمعصفر
أمل بلغناه بهضب حديقة ... قد طرّزته يد الغمام الممطر
فكأنه والزّهر تاج فوقه ... ملك تجلّى في بساط أخضر
راق النّواظر منه رائق منظر ... يصف النّضارة عن جنان الكوثر
كم قاد خاطر خاطر مستوفز ... وكم استفزّ جماله من مبصر
لو لاح لي فيما تقدّم «٤» لم أقل ... (عرّج بمنعرج الكثيب الأعفر)
قال أبو الحسن الرّعيني، وأنشدني لنفسه «٥» : [الكامل]
وعشيّة كانت قنيصة فتية ... ألفوا من الأدب الصّريح شيوخا
فكأنما العنقاء قد نصبوا لها ... من الانحناء إلى الوقوع فخوخا
شملتهم آدابهم فتجاذبوا ... سرّ السّرور محدّثا ومصيخا
والورق تقرأ سيرة «٦» الطرب التي ... ينسيك منها ناسخا «٧» منسوخا
والنهر قد صفحت به نارنجة ... فتيمّمت من كان فيه منيخا
فتخالهم حلل «٨» السّماء كواكبا ... قد قارنت بسعودها المرّيخا
خرق العوائد في السّرور نهارهم ... فجعلت أبياتي لهم «٩» تاريخا