براهم سوامح أو سراهم فأصبحوا ... رسوما على تلك الرسوم عوالجا
لهم في منّى أسنى المنا ولدى الصّفا ... يرجّون من أهل الصّفاء «١» المناهجا
سما بهم طوف ببيت طامح ... أراهم قبابا للعلى ومعارجا
فأبدوا من اللّوعات ما كان كامنا ... وأذروا دموعا بل قلوبا مناضجا
ولمّا دنوا نودوا هنيّا وأقبلوا ... إلى الرّكن من كل الفجاج أدراجا
وقضّوا بتقبيل الجدار ولثمه ... حقوقا تقضّي للنفوس حوائجا
إذا اعتنقوا تلك المعالم خلتهم ... أساور في إيمانها وجهالجا
فلله ركب يمّموا نحو مكة ... لقد كرموا قصدا وحلّوا مناسجا
أناخوا بأرجاء الرّجاء وعرّسوا ... فأصبح كلّ مايز «٢» القدح فالجا
فبشرى «٣» لهم كم خوّلوا من كرامة ... فكانت لما قدّموه نتائجا
بفتحهم باب القبول وللرّضا «٤» ... ووفدهم أضحى على الباب والجا
تميّز أهل السّبق لكنّ غيرهم ... غدا همجا بين الخليقة هامجا
أيلحق جلس «٥» للبيوت مداهم ... ولم يله «٦» في تلك المدارج دارجا؟
ألا ليت شعري للضرورة هل أرى ... إلى الله والبيت المحجّب خارجا؟
له الله من ذي كربة ليس يرتجى ... لمرتجّها «٧» يوما سوى الله فارجا
قد أسهمت شتّى المسالك دونه ... فلا نهج يلقى فيه لله ناهجا
يخوض بحار الذّنب ليس يهابها ... ويصعق ذعرا إن يرى البحر هائجا
جبان إذا عنّ الهدى وإذا الهوى ... يعنّ له كان الجريء المهارجا
يتيه ضلالا في غيابة همّه ... فلا حجر تهديه لرشد ولا حجا
فواحربا لاح الصباح لمبصر ... وقلبي لم يبصر سوى الليل إذ سجا
لعلّ شفيعي أن يكون معاجلا ... لداء ذنوب بالشّفاء معالجا
فينشقني بيت الإله نوافحا ... ويعبق لي قبر النّبيّ نوافجا