فما لي لإمالتي «١» سوى حبّ أحمد ... وصلت له من قرب قلبي وشائجا
عليه سلام الله من ذي صبابة ... حليف شجا يكنّى من البعد ناشجا
ولو أنصفت أجفانه حقّ وجده ... سفكت دما للدموع موازجا
كتابته: وكتابته شهيرة، تضرب بذكره فيها الأمثال، وتطوى عليه الخناصر.
قالوا: لما عقد أمير المسلمين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن هود البيعة لابنه الواثق بالإمارة من بعده، تولّى إنشاءها، وجعل الحاء المهملة سجعها مردفا إياها بالألف، نحو «صباحا» و «صلاحا» ، وما أشبه ذلك، طال مجموعها فناهزت الأربعين، وطاب مسمعها، فأحرزت بغية المستمعين، فكتب إليه أبو المطرّف ابن عميرة، رسالته الشهيرة، يداعبه في ذلك، وهي التي أولها:
«تحييك الأقلام تحيّة كسرى، وتقف دون مداك حسرى» . ومنها في الغرض:
«وما لك أمنت تغيّر الحالات، فشننت غارتك على الحاءات، ونفضت عنها المهارق، وبعثت في طلبها السّوابق، ولفظتها من الأفواه، وطلبتها بين الشّفاه، حتى شهد أهل اللسان بتزحزحها عن ذلك المكان، وتوارت بالحلوق، ولو تغلغلت إلى العروق، لآثرتها جيادك، واقتنصها قلمك ومدادك» . وهي طويلة.
فراجعه بقوله:«ما «٢» هذه التحية الكسرويّة؟ وما هذا الرأي وما «٣» هذه الرويّة؟
أتنكيت من الأقلام؟ أم «٤» تبكيت من الأعلام؟ أم «٥» كلا الأمرين توجّه القصد إليه، وهو الحق مصدّقا لما بين يديه؟ وإلّا فعهدي بالقلم يتسامى عن عكسه «٦» ، ويترامى إلى الغاية البعيدة بنفسه، فمتى لانت أنابيبه للعاجم، ودانت أعاربه «٧» بدين الأعاجم؟
وا عجبا لقد استنوق الجمل «٨» ، واختلف القول والعمل، لأمر ما جدع أنفه قصير «٩» ، وارتدّ على عقبه الأعمى أبو بصير. أمس أستسقي من سحابه فلا يسقيني، وأستشفي بأسمائه فلا يشفيني. واليوم يحلّني محلّ أنو شروان، ويشكو مني شكوى اليزيديّة «١٠»