اعتلالك، وترفّق بها ترفّق أمثالك، فإذا مالت «١» بهم إلى هواك الأشواق، ولووا إليك الأرؤس والأعناق، وسألوك عن اضطرابي في الآفاق، وتقلّبي بين الإشآم والإعراق، فقل لهم: عرض له في أسفاره، ما يعرض للبدر في سراره، من سرّ «٢» السّرار، وطاق «٣» المحاق، وقد تركته وهو يسامر الفرقدين، ويساير النّيّرين، وينشد إذا راعه البين «٤» : [البسيط]
وقد نكون وما يخشى تفرّقنا ... واليوم «٥» نحن وما يرجى تلاقينا
لم يفارق وعثاء «٦» الأسفار، ولا ألقى من يده عصا التّسيار، يتهاداه الغور «٧» والنّجد، ويتداوله الإرقال «٨» والوخد، وقد لفحته الرّمضاء، وسئمه «٩» الإنضاء.
فالجهات تلفظه، والآكام تبهظه، تحمل «١٠» همومه الرّواسم، وتحفى «١١» به النّواسم:
[البسيط]
لا يستقرّ بأرض حين يبلغها ... ولا له غير حدو العيس إيناس
ثم إذا استوفوا سؤالك عن حالي، وتقلّبي بين «١٢» حلّي وترحالي، وبلغت القلوب منهم الحناجر، وملأت الدموع المحاجر، وابتلّت ذيولك بمائها، لا بل تضرّجت بدمائها، فحيّهم عنّي تحيّة منفصل، وودّعهم «١٣» وداع مرتحل. ثم اعطف عليهم ركابك، ومهّد لهم جنابك، وقل لهم إذا سألني عن المنازل بعد سكانها، والرّبوع بعد ظعن أظعانها، بماذا أجيبه، وبماذا يسكن وجيبه «١٤» . فسيقولون لك هي البلاقع «١٥» المقفرات، والمعارف «١٦» التي أصبحت نكرات: [السريع]
صمّ صداها وعفا «١٧» رسمها ... واستعجمت عن منطق السائل