للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخمائل أتنسّم صباها، وأتسنّم رباها «١» ، وأجتني أزهارها، وأجتلي أنوارها، وأجول في خمائلها، وأتنعّم ببكرها وأصائلها، وأطوف بمعالمها، وأتنشّق أزهار كمائمها، وأصيخ بأذن الشّوق «٢» إلى سجع حمائمها، وقد داخلتني الأفراح، ونالت منّي نشوة الارتياح، ودنا السّرور لتوسّم «٣» ذهاب الأتراح. فلمّا أفقت من غمرات سكري، ووثبت من هفوات فكري، وجدت «٤» مرارة ما شابه لبّي «٥» في استغراق دهري، وكأنّي من حينئذ عالجت وقفة الفراق، وابتدأت منازعة الأشواق، وكأنما أغمضتني «٦» للنّوم، وسمح لي بتلك الفكرة الحلم «٧» : [الكامل]

ذكر الدّيار فهاجه تذكاره ... وسرت به من حينه أفكاره

فاحتلّ منها حيث كان حلوله ... بالوهم فيها واستقرّ قراره

ما أقرب الآمال من غفواته ... لو أنها قضيت بها أوطاره «٨»

فإذا جئتها أيها القادم، والأصيل قد خلع عليها بردا مورّسا، والربيع قد مدّ على القيعان منها سندسا، اتّخذها «٩» فديتك معرّسا «١٠» ، واجرر ذيولك فيها متبخترا «١١» ، وبثّ فيها من طيب نفحاتك عنبرا، وافتق عليها من نوافج «١٢» أنفاسك مسكا أذفرا، واعطف معاطف «١٣» بانها، وأرقص قضب ريحانها، وصافح صفحات نهرها، ونافح «١٤» نفحات زهرها. هذه كلّها أمارات، وعن أسرار مقاصدي عبارات، هنالك تنتعش بها صبابات، تعالج صبابات، تتعلّل بإقبالك، وتعكف على لثم أذيالك، وتبدو لك في صفة الفاني المتهالك، لاطفها بلطافة