وهبّ نسيم الصبح فانعطفت «١» له ... قدود غصون قد رقتها صوادح «٢»
تجاذبن «٣» من ذكري أحاديث لم تزل ... يردّدها منها «٤» مجدّ ومازح
وملت إلى التّعريس لما انقضى السّرى ... أروض له نفسي وعزمي جامح
ومال الكرى بي ميلة سكنت لها ... على نصب الوعثاء منّي الجوارح «٥»
كم «٦» أخذت منه الشّمول بثارها ... فبات يسقّى «٧» وهو ريّان طافح
وقرّبت الأحلام لي كلّ مأمل «٨» ... فأدنته منيّ وهو في الحقّ نازح
أرتني وجوها لو بذلت لقربها ... حياتي لمن بالقرب منه يسامح
لقلّ لها عمري وما ملكت يدي ... وحدّثت «٩» نفسي أنّ تجري «١٠» رابح
وما زلت أشكو بيننا غصص «١١» النّوى ... وما طوّحت بي في الزمان الطوائح
فمنها ثغور للسّرور بواسم ... لقربه «١٢» ومنها للفراق نوائح
تقرّبها الأحلام منّي ودونها ... مهامه فيها للهجير لوافح
وبحر طمت أمواجه وشآبيب «١٣» ... وقفر به للسّالكين جوامح «١٤»
قضيت حقوق الشوق في زورة الكرى «١٥» ... فإنّ زيارات الكرى لموانح
يقرّبن «١٦» آمالا تباعد بينها ... وتعبث فيها بالنفوس الطّوامح «١٧»
فلمّا تولّى عنّي النوم أعقبت «١٨» ... هموم أثارتها الشّجون فوادح
وعدت إلى شكوى البلاء «١٩» ولم أزل ... أردّدها والعذر منّي واضح
وما بلّغت عني مشافهة الكرى ... تبلّغها عنّي الرياح اللّواقح «٢٠»
وحسبك قلب في إسار اشتياقه ... وقد أسلمته في يديه الجوانح