فيا صحبي حان قبلك مصرعي ... وكنت على عهد الوفا والرّضا معي
فحطّ بضاحي ذلك السّرى مضجعي ... وذرني فجار القوم غير مروّع
فعندهم للجار أهل ومرحب
رعى الله من يرعى العهود على النّوى ... ويظهر بالقول المحبّر ما نوى
ولبيته من مستحكم الودّ والهوى ... يرى كلّ واد غير واديه مجتوى
وأهدى سبيله الذي يتجنّب
كتابته: وكتابة ذي الوزارتين، رحمه الله، كالشمس شهرة، والبحر والقطر كثرة؛ ونحن نثبت له شيئا من ذلك لئلّا يخلو هذا الكتاب من شيء من بيانه. كتب يراجع الوزير أبا بكر بن عبد العزيز، من رسالة كتب بها إليه مع حاج يضرب القرعة:
أطال الله بقاء وليّي وإمامي الذي له إكباري وإعظامي، وفي سلكه اتّسامي وانتظامي، وإلى ملكه انتسابي واعتزائي، وبودّه افتخاري وانتزائي، للفضائل مجيبا ومبديا، وللمحامد مشتملا ومرتديا، وبالغرائب متحفا ومهديا، ولا زال الرّخاء وأزل، وجدّ من المصافاة وهزل، وسحت من المراعاة وجزل. وصل كتابه صحبة عرّاف اليمامة، وفخر نجد وتهامة، يقرّظه ويزكّيه، ويصفه بالخبّ يفسّره ويجليه، والخفيّ يظهره ويبديه. ولعله رائد، لابن أبي صائد، أو هاد للمسيح الدّجال قائد. أشهد شهادة إنصاف، أن عنده لعضبا صاف، ولو كان هناك ناظر صادق طاف، ولله خفايا الألطاف، لقلت هو باد غير خاف، من بين كل ناعل وحاف. وسأخبرك، أيّدك الله، بما اتّفق، وكيف طار ونعق، وتوسّد الكرامة وارتفق، طرق له وصفك ونعتك، وثقّفه بريك ونحتك، ورفعه للعيون جدّك وبختك، وامتدت نحوه النواظر، واستشرفه الغائب والحاضر، وتسابق إليه النّابه والخامل، وازدحم عليه العاطل والعامل. هذا يلتمس مزيدا، وذاك يبتغي حظا جديدا، وهذا يطلب تقليدا، وذلك يسلّ إلى مغاليقه إقليدا.
فكلما حزب، وغلّ وجلب، حلب واستدرّ، وتلقاه وإن ساءه الغيب بما سرّ. وكنت واتغت جملة من الأعيان، ووافقت ثلّة من جلّة الإخوان، على تمشية أمره، وتوشية ذكره؛ فلمّا صدقت تلك الفرقة، واستوت بهم تلك الفرقة، أحضرناه للسّبار، وأقعدناه للنّقد والاختيار، وأردنا أن نقف على جلايا تلك الأخبار، فأحضرنا طحنا ونطعا، وسرينا عنه من الوحشة قطعا، وقلنا له خذ عفوك، ولا توردنا إلّا صفوك، ولا تصانعنا في الكريهة التي نراها، والحادثة تستفظع ذكراها؛ فما عندنا جهل، وما منّا إلّا محتنك كهل، لا يتكاده حزن ولا يستخفّه سهل، فسكن جائش فوره، وضرب بلحيته على زوره، ثم صعّد فينا النظر وصوّب، واستهلّ صارخا وثوّب، وتحرّج من الكذب