للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقام فيها خطيب الطّير مرتجلا ... والزّهر قد رصّعت منه منابره

موشيّ ثوب طواه الدّهر آونة ... فها هو اليوم للأبصار ناشره

فالغصن من نشوة يثني معاطفه ... والطّير من طرب تشدو مزاهره

وللكمام انشقاق عن أزاهرها ... كما بدت لك من خلّ ضمائره

لله يومك ما أذكى فضائله ... قامت لدين الهوى «١» فيه شعائره

فكم سريرة فضل فيك قد خبئت ... وكم جمال بدا للناس ظاهره

فافخر بحقّ على الأيام قاطبة ... فما لفضلك من ندّ يظاهره «٢»

فأنت في عصرنا كابن الحكيم إذا ... قيست بفخر أولي العليا مفاخره

يلتاح منه بأفق الملك نور هدى ... تضاءل الشمس مهما لاح زاهره

مجد صميم على عرش السّماك سما ... طالت مبانيه واستعلت مظاهره

وزارة الدّين والعلم الذي رفعت ... أعلامه والنّدى الفيّاض زاخره

وليس هذا ببدع من مكارمه ... ساوت أوائله فيه أواخره

يلقى الأمور بصدر منه منشرح ... بحر وآراؤه العظمى جواهره

راعى أمور الرّعايا معملا نظرا ... كمثل علياه معدوما نظائره

والملك سيّر في تدبيره حكما ... تنال ما عجزت عنه عساكره

سياسة الحكم «٣» لا بطش يكدّرها ... فهو المهيب وما تخشى بوادره

لا يصدر الملك إلّا عن إشارته ... فالرّشد لا تتعدّاه مصائره

تجري الأمور على أقصى إرادته ... كأنما دهره فيه يشاوره

وكم مقام له في كل مكرمة ... أنست موارده فيها مصادره

ففضلها طبّق الآفاق أجمعها ... كأنه مثل قد سار سائره

فليس يجحده إلّا أخو حسد ... يرى الصباح فيعشى منه ناظره

لا ملك أكبر من ملك يدبّره ... لا ملك أسعد من ملك يؤازره

يا عزّ أمر به اشتدّت مضاربه ... يا حسن ملك به ازدانت محاضره

تثني البلاد وأهلوها بما عرفوا ... ويشهد الدهر آتيه وعابره «٤»

بشرى لآمله الموصول مأمله ... تعسا لحاسده المقطوع دابره

فالعلم قد أشرقت نورا مطالعه ... والجود قد أسبلت سحّا مواطره