سرى ذكره في الخافقين فأصبحت ... إليه قلوب العالمين تميل
وأغدى قريضي جوده وثناؤه ... فأصبح في أقصى البلاد يجول
إليك أيا فخر الوزارة أرقلت ... برحلي هوجاء الثّجاء ذلول
فليت إلى لقياك ناصية الفلا ... بأيدي ركاب سيرهنّ ذميل
تسدّدني سهما لكل ثنيّة ... ضوامر أشباه القسيّ نحول
وقد لفظتني الأرض حتى رمت إلى ... ذراك برحلي هوجل وهجول
فقيّدت أفراسي به وركائبي ... ولذّ مقام لي به وحلول
وقد كنت ذا نفس عزوف وهمّة ... عليها لأحداث الزمان دحول
وتهوى العلا حظي وتغري بضدّه ... لذاك اعترته رقّة ونحول
وتأبى لي الأيام إلّا إدالة ... فصونك لي أنّ الزمان مديل
فكل خضوع في جنابك عزّة ... وكل اعتزاز قد عداك خمول
شعره: وبضاعته في الشعر مزجاة، وإن كان أعلم الناس بنقده، وأشدّهم تيقّظا لمواقعه الحسنة وأضدادها. فمن ذلك قوله، ورفعه إلى السلطان ببلده رندة، وهو إذا ذاك فتى يملأ العين أبّهة، ويستميل القلوب لباقة، وهي، ومن خطه نقلت «١» :
[الرمل]
هل إلى ردّ عشيّات الوصال ... سبب أم ذاك من ضرب المحال؟
حالة يسري بها الوهم إلى ... أنها تثبت برءا باعتلال
وليال «٢» ما تبقّى بعدها ... غير أشواقي إلى تلك اللّيالي
إذ مجال الوصل فيها مسرحي ... ونعيمي آمر فيها ووال
ولحالات التّراضي جولة ... مزجت «٣» بين قبول واقتبال
فبوادي الخيف خوفي مسعد ... وبأكناف منى أسنى نوال «٤»
لست أنسى الأنس فيها أبدا ... لا ولا بالعذل في ذاك أبالي
وغزال قد بدا لي وجهه ... فرأيت البدر في حال الكمال
ما أمال التّيه من أعطافه ... لم يكن إلّا على فضل «٥» اعتدال