رماني قاسم والسين صاد ... بأشفار تنوب عن الشّفار
وقد قسمت محاسن وجنتيه ... على ضدّين من ماء ونار
فذاك الماء من دمعي عليه ... وتلك النار من فرط استعاري «١»
عجبت له أقام بربع قلبي ... على ما شبّ فيه من الأوار
ألفت الحبّ حتى صار طبعا ... فما أحتاج فيه إلى ادّكار
فما لي عن مذاهبه ذهاب ... وهذا فيه أشعاري شعاري «٢»
وقال العلّامة ابن رشيد في «ملء العيبة» «٣» : لما قدمنا المدينة سنة ٦٨٤ هـ، كان معي رفيقي الوزير أبو عبد الله بن أبي القاسم الحكيم، وكان أرمد «٤» ، فلمّا دخلنا ذا الحليفة أو نحوها، نزلنا عن الأكوار، وقوي الشوق لقرب المزار، فنزل وبادر إلى المشي على قدميه احتسابا لتلك الآثار، وإعظاما لمن حلّ في «٥» تلك الديار، فأحسّ بالشفاء، فأنشد لنفسه في وصف الحال قوله: [الطويل]
ولمّا رأينا من ربوع حبيبنا ... بيثرب أعلاما أثرن لنا الحبّا
وبالتّرب منها إذ كحلنا جفوننا ... شفينا فلا بأسا نخاف ولا كربا
وحين تبدّى للعيون جمالها ... ومن بعدها عنّا أديلت لنا قربا
نزلنا من «٦» الأكوار نمشي كرامة ... لمن حلّ فيها أن نلمّ به ركبا
نسحّ سجال الدّمع في عرصاتها ... ونلثم من حبّ لواطئه التّربا
وإن بقائي دونه لخسارة ... ولو أنّ كفّي تملأ الشرق والغربا
فيا عجبا ممن يحبّ بزعمه ... يقيم مع الدعوى ويستعمل الكتبا
وزلّات مثلي لا تعدّ كثيرة «٧» ... وبعدي عن المختار أعظمها ذنبا
ومن شعره قوله «٨» : [السريع]
ما أحسن العقل وآثاره ... لو لازم الإنسان إيثاره