فكانّ تجلّيها حجاب جمالها ... كشمس الضّحى يعشى بها الطّرف كلّما
ولمّا رأت زهر الكواكب أنها ... هي النيّر الأسمى وإن كان باسما
بكت أسفا أن لم تفز بجوارها ... وأسعدها صوب الغمام فأسجما
فجلّت يمجّ القطر ريّان بردها ... فتنفضه كالدّر فذّا وتوأما
يضمّ علينا الماء فضل زكاتها ... كما «١» بلّ سقط الطّلّ نورا مكمّما
ويفتق نضح الغيث طيب عرفها ... نسيم الصّبا بين العرار منسّما
جلت عن ثناياها وأومض برقها «٢» ... فلم أدر من شقّ الدّجنّة منهما
وساعدني جفن الغمام على البكا ... فلم أدر وجدا «٣» أيّنا كان أسجما
ونظم سمطي ثغرها ووشاحها ... فأبصرت درّ الثغر أحلى وأنظما
تقول وقد ألممت أطراف كمّها ... يدي وقد أنعلت أخمصها الفما
نشدتك لا يذهب بك الشوق مذهبا ... يسهّل صعبا أو يرخّص مأثما
فأقصرت «٤» لا مستغنيا عن نوالها ... ولكن رأيت الصّبر أوفى وأكرما
وقال «٥» : [الوافر]
أتذكر إذ مسحت بفيك عيني «٦» ... وقد حلّ البكا فيها عقوده
ذكرت بأن ريقك ماء ورد ... فقابلت الحرارة بالبروده
وقال: [الوافر]
سألت من المليحة برء دائي ... برشف برودها العذب المزاج
فما زالت تقبّل في جفوني ... وتبهرني بأصناف الحجاج
وقالت إنّ طرفك كان «٧» أصلا ... لدائك فليقدّم في العلاج
وفاته: توفي بمراكش سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وحضر السلطان «٨» جنازته.