للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على مواضع السجود، وأقبلت صنعاء بأوشيتها، وعنت بأرديتها، ودخلت العروس في حليتها، ورقمت الكفوف بالحنّاء، وأثني على الحسن وهو أحقّ بالثناء، وطلّقت التّوبة ثلاثا بعد البناء، وغصّ الذّراع بالسّوار، وتختّم في اليمين واليسار، وأمسكت الثياب بأيدي الأبكار، ومشت الإماء أمام الأحرار، وتقدمت الدّايات بالأطفال الصّغار، وامتلأت الدّنيا سرورا «١» ، وانقلب الكلّ إلى أهله مسرورا. وبينما كانت الحال كما نصصت، والحكاية كما قصصت، إذ تلألأت الدنيا برقا، وامتدّ مع الأفقين غربا وشرقا، وردّ لمعانه عيون الناظرين زرقا، ولولا أنه جرّب حتى يدرى، لقيل قد طلعت مع الشمس شمس أخرى، حتى أقبل من شرفت العرب بنسبه، وفخر الإسلام بسببه، من انتسب إلى زهرة وقصيّ، وازدانت به آل غالب وآل لؤي، من إذا ذكر المجد فهو ممسك بعده، أو الفضل فهو لابس برده، أو الفخر فهو واسطة عقده، أو الحسن فهو نسيج وحده، الذي رفع لواء العليا، وعارضت مكارمه صوب الحيا، وحكت محاسنه زهرة الحياة الدنيا. فأما وجهه فكما شرقت الشمس وأشرقت، وغربت كواكب سمائها وشرقت، وتفتّحت أطواق الليل عن غرر مجده وتشقّقت.

ولولا حيا يغلب عليه، وخفر يصحبه إذا نظرت إليه، لاستحال النهار، وغارت لنوره كواكب الأسحار، ولكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، لا يحفل بالصبح إذا انفلق، ولا بالفجر إذا عمّ آفاق الدّجا وطبّق، ولو بدا للمسافر في ليله لطرق، وقد عجم الأبنوس على العاج، وأدار جفنا كما عطف على أطفالها النّعاج، يضرب بها ضرب السيف، ويلمّ بالفؤاد إلمام الطّيف، ويتلقّاها السّحر تلقّي الكريم للضيف. لو جرّدها على الرّيم لوقف، أو على فرعون ما صرف من سحره ما صرف، أو على بسطام ابن قيس لألقى سلاحه وانصرف. وأما أدواته فكما انشقّت الأرض عن نباتها، وأخذت زخرفها في إنباتها، ونفح عرف النّسيم في جنباتها، يتفنّن أفانين الزهر، ويتقلب تقلّب الدهر، وتطلع له نوادر كالنجوم الزهر، لو أبصره مطرّف ما شهر بخطّه، ولا جرّ من العجب ذيل مرطه، ولا كان المخبر معه من شرطه. وأما أنه لو قرىء على سحبان كتابه، وانحدر على نهره عبابه، وملأت مسامعه أطنابه وأسبابه، ما قام في بيانه ولا قعد، ولنزل عن مقامه الذي إليه صعد، ولا خلّف من بلاغته ما وعد. لعمرك ما كان بشر بن المعتمر يتفنّن للبلاغة فنونا، ولا يتقبّلها بطونا ومتونا، ولا أبو العتاهية ليشرطها كلاما موزونا، ولا نمّق الحسن بن سهل الألفاظ، ولا رفع قسّ بن ساعدة صوته بعكاظ، ولا أغاظ زيد بن علي هشاما بما أغاظ، وأما مكارمه