للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعره: وهو عندي في نمط دون ما وصف به. فمن ذلك قوله من قصيدة أنحى فيها على ابن ذي النّون، ومدح ابن عباد، عند خلع ابن جهور، أبي الوليد، وتصيير قرطبة إليه: [الطويل]

فسل عنه أحشاء ابن ذي النون هل سرى ... إليها سكون منذ زلزلها الذّعر؟

وهل قدّرت مذ أوحشته طلائع ال ... ظهور عليه أنّى «١» تؤنسه الخمر؟

ألم يجن يحيى من تعاطيك ظلّه ... سجا لك هيهات السّهى منك يا بدر

لجاراك واستوفيت أبعد غاية ... وآخره عن شأوك الكفّ والعثر

فأحرزت فضل السّبق عفوا وكفّه ... على رغمه مما توهّمه صفر

ويا شدّ ما أغرته قرطبة وقد ... أبشرتها خيلنا فكان لك الدّرّ

ومنها:

أتتك وقد أزرى ببهجة حسنها ... ولا أنها «٢» من جور مالكها طمر

فألبستها من سابغ العدل حلّة ... زهاها بها تيه وغازلها كبر

وجاءتك متفالا فضمّخ حيّها ... وإزدانها «٣» من ذكرك المعتلي عطر

وأجريت ماء الجود في عرصاتها ... فروّض حتى كاد أن يورق الصّخر

وطاب هواء «٤» أفقها فكأنها ... تهبّ نسيما فيه أخلاقك الزّهر

وما أدركتهم في هواك هوادة ... وما ائتمروا إلّا لما أمر البرّ

وما قلّدوك الأمر «٥» إلّا لواجب ... وما «٦» جئته فيه المجرّب والغمر

وبوّأهم في ذروة المجد معقلا ... حرام على الأيام إلمامه حجر

وأوردهم من فضل سيبك موردا ... على كثرة الوارد مشرعه غمر

فلولاك لم تفصل عرى الإصر عنهم ... ولا انفكّ من ربق الأذى لهم أسر

أعدت نهار ليلهم ولطالما ... أراهم نجوم الليل في أفقه الظهر

ولا زلت تؤويهم إلى ظلّ دوحة ... من العزّ في أرحابها النّعم الخضر