مشيخته: قرأ «١» بسبتة على الشيخ الإمام أبي إسحاق الغافقي، ولازمه كثيرا، وأخذ عنه، وأكثر عليه. وقرأ على الإمام الصالح أبي عبد الله بن حريث، والمقرئ الشريف الفاضل أبي العبّاس الحسني، والشيخ الأستاذ النظّار أبي القاسم بن الشّاط، وأخذ عن الخطيب المحدث أبي عبد الله بن رشيد، والقاضي أبي عبد الله بن القرطبي وغيرهم. وهو أستاذي، قرأت عليه القرآن، وكتابي الجمل والإيضاح، وحضرت عليه دولا من الكتاب، ولازمته مدة، وعاشرته، وتوجّه صحبتي في الرسالة إلى المغرب.
وفاته: توفي بغرناطة ليلة الاثنين الثاني عشر من رجب عام أربعة وخمسين وسبعمائة، وكانت جنازته حافلة. وخمدت قرائح الآخذين عنه، ممن يدلي دلو أدب، فيأتي بماء أو حمأة، على كثرتهم، تقصيرا عن الحق، وقدحا في نسب الوفاء، إلّا ما كان من بعض من تأخّر أخذه عنه، وهو محمد بن عبد الله اللّوشي، فإنه قال: وعين هذه الأبيات قرارها «٢» : [الطويل]
ويوم نعى النّاعي شهاب المحامد ... تغيّرت الدنيا لمصرع «٣» واحد
فلا عذر للعينين إن لم تسامحا «٤» ... بدمع يحاكي الوبل يشفي لواجد
مضى من بني الفخّار أفضل ماجد ... جميل المساعي للعلا جدّ شاهد «٥»
طواه الرّدى ما كلّ حيّ يهابه ... وما ورده عارا يشين لوارد
لقد غيّبت منه المكارم في الثّرى ... غداة ثوى «٦» وانسدّ باب الفوائد
فيا حاملي أعواده، ما علمتم ... بسؤدده الجمّ الكريم المحاتد؟
ويا حفرة خطّت له اليوم مضجعا، ... سقتك الغوادي الصادقات «٧» الرّواعد
ألا يا حمام الأيك ساعدن «٨» بالبكا «٩» ... على علم «١٠» الدّنيا وزين المشاهد