للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكفّل الله هذا الذّكر يحفظه ... وهل يضيع الذي بالله مكفول؟

هذي المفاخر لا يحظى الملوك بها ... للملك «١» منقطع والوحي موصول

ومن مطولاته في غرض يظهر منها: [الطويل]

هو العلم لا كالعلم شيء تراوده ... لقد فاز باغيه وأنجح قاصده

وما فضّل الإنسان إلّا بعلمه ... وما امتاز إلّا ثاقب الذّهن واقده

وقد قصرت أعمارنا وعلومنا ... يطول علينا حصرها ونكابده

وفي كلّها خير ولكنّ أصلها ... هو النّحو فاحذر من جهول يعانده

به يعرف القرآن والسّنّة التي ... هما أصل دين الله ذو أنت عابده

وناهيك من علم عليّ مشيد ... مبانيه أعزز بالذي هو شائده

لقد حاز في الدنيا فخارا وسؤددا ... أبو الأسود الديلي «٢» فللجرّ سانده

هو استنبط العلم الذي جلّ قدره ... وطار به للعرب ذكر نعاوده

وساد عطا نجله وابن هرمز ... ويحيى ونصر ثم ميمون ماهده

وعنبسة قد كان أبرع صحبه ... فقد قلّدت جيد المعالي قلائده

وما زال هذا العلم تنميه سادة ... جهابذة تبلى به وتعاضده

إلى أن أتى الدّهر العقيم بواحد ... من الأزد تنميه إليه فرائده

إمام الورى ذاك الخليل بن أحمد ... أقرّ له بالسبق في العلم حاسده

وبالبصرة الغرّاء «٣» قد لاح فجره ... فنارت أدانيه وضاءت أباعده

ذكيّ «٤» الورى ذهنا وأصدق لهجة ... إذا ظنّ أمرا قلت ما هو شاهده

وما أن يروّي بل جميع علومه ... بدائه «٥» أعيت كلّ حبر تجالده

هو الواضع الثاني الذي فاق أولا ... ولا ثالث في الناس تصمى قواصده

فقد كان ربّانيّ أهل زمانه ... صويم قويم «٦» راكع الليل ساجده

يقيّم منه دهره في مثوبة ... وثوقا بأنّ الله حقّا مواعده