معروف النّزاهة، أعانه ذلك وسوّده، وبلغ به رتبة سلفه. وجرى ذكره في كتاب التّاج بما نصّه:
«فاضل تحلّى بالسكينة والوقار، فمدّت إليه رقاب سلفه يد الافتقار، ما شئت من هدوء وسكون، وجنوح إلى الخير وركون، عني بالمحافظة على سمته من لدن عقل، ولزم خدمة العلم فما عاد ولا انتقل، ووجد من أبيه رحمه الله مرعى خصيبا فابتقل، وعمل على شاكلة سلفه في سلامة الجانب، وفضل المذاهب، وتحلّى بتلك المآثر وتوشّح، وتأهّل إلى الرّتب في سنّن الشّبيبة وترشّح؛ وله مع ذلك في لجّة الفقه سبح، وعلى بعض موضوعات أبيه شرح؛ وأدبه ساطع، وكلامه حسن المقاطع. فمن ذلك ما كتب به إليّ، وقد خاطبت ما أمكن من نظمه «١» : [المتقارب]
فديتك يا سيّدي مثلما ... فداك الزمان الذي زنته
وقوله في المقطوعات من ذلك في معنى التورية «٢» : [الخفيف]
كم بكائي لبعدكم وأنيني «٣» ... من ظهيري على الأسى من معيني
جرّح «٤» الخدّ دمع عيني ولكن ... عجب «٥» أن يجرّح ابن معين
وقال في الغنى «٦» : [الطويل]
أرى الناس يولون الغنيّ كرامة ... وإن لم يكن أهلا لرفعة مقدار
ويلوون عن وجه الفقير وجوههم ... وإن كان أهلا أن يلاقى بإكبار
بنو الدّهر جاءتهم أحاديث جمّة ... فما صحّحوا إلّا حديث ابن دينار «٧»
ومن بديع ما صدر عنه، قوله ينسج على منوال امرئ القيس في قصيدته الشهيرة «٨» : [الطويل]
أقول لحزمي «٩» أو لصالح أعمالي ... (ألا عم صباحا أيها الطّلل البالي)