كان قبل البلوغ والسّبوق «١» ، وصمّم في «٢» استخراج الحقوق، والناس أصناف، فمنهم خسيس يطمع منك في أكلة، ومستعد عليك بوكزة أو ركلة. وحاسد في مطيّة تركب، وعطيّة تسكب، فاخفض للحاسد جناحك، وسدّد إلى حربه رماحك، وأشبع الخسيس منهم مرقة دسمة «٣» فإنه حنق، ودسّ له فيها عظما لعلّه يختنق، واحفر لشرّيرهم حفرة عميقة، فإنه العدوّ حقيقة، حتى إذا حصل، وعلمت أنّ وقت الانتصار قد وصل «٤» ، فأوقع وأوجع، ولا ترجع، وأولياء من «٥» حزب الشيطان فأفجع، والحقّ أقوى، وإن تعفو أقرب للتقوى. سدّدك الله تعالى «٦» إلى غرض التّوفيق، وأعلقك «٧» من الحقّ بالسّبب الوثيق، وجعل قدومك مقرونا برخص اللّحم والزّيت والدّقيق، بمنّه وفضله «٨» .
مشيخته: قرأ القرآن على والده المكتّب النّصوح، رحمه الله، وحفظ كتبا كرسالة أبي محمد بن أبي زيد، وشهاب القضاعي، وفصيح ثعلب، وعرض الرّسالة على ولي الله أبي عبد الله الطّنجالي، وأجازه. ثم على ولده الخطيب أبي بكر، وقرأ عليه من القرآن، وجوّد بحرف نافع على شيخنا أبي البركات. وتلا على شيخنا أبي القاسم بن جزي. ثم رحل إلى المغرب، فلقي الشيخ الأستاذ الأوحد في التّلاوة، أبا جعفر الدرّاج، وأخذ عن الشّريف المقرئ أبي العباس الحسنى بسبتة، وأدرك أبا القاسم التّجيبي، وتلا على الأستاذ أبي عبد الله بن عبد المنعم «٩» ولازمه، واختصّ بالأستاذ ابن هاني السّبتي، ولقي بفاس جماعة كالفقيه أبي زيد الجزولي، وخلف الله المجاصي، والشيخ أبا العباس المكناسي، والشيخ البقية أبا عبد الله بن عبد الرازق، وقرأ على المقرئ الفذّ الشهير في التّرنّم بألحان القرآن أبي العباس الزّواوي سبع ختمات، وجمع عليه السّبع، والمقرئ أبي العباس بن حزب الله، واختصّ بالشيخ الرئيس أبي محمد عبد المهيمن الحضرمي.
شعره: من شعره ما كتب به إلى وزير الدولة المغربيّة في غرض الاستلطاف:
[الكامل]
يا من به أبدا عرفت ومن أنا ... لولاه لي دامت علاه وداما