منها، وهو بديع، استظرف يومئذ:
يا يوسفيّا باسمه وبوجهه ... اصعد لمنبرها وصن محرابها
في الأرض مكّنك الإله كيوسف ... ولتملكنّ بربها أربابها
بلغت بكم آرابها من بعد ما ... قالت لذلك نسوة ما رابها
كانت تراود كفوها حتى إذا ... ظفرت بيوسف غلّقت أبوابها
قلت «١» : ما ذكره المؤلف ابن الخطيب، رحمه الله، في هذا المترجم به، من أنه ينظم الشعر الوسط، ظهر خلافه، لذا أثبت له هذه المقطوعة الأخيرة. ولقد أبدع فيها وأتى بأقصى مبالغ الإجادة كما قال، وحاز بها نمطا أعلى مما وصفه به. وأما القصيدة الأولى، فلا خفاء أنها سهل المأخذ، قريبة المنزع، بعيدة من الجزالة، ولعلّ ذلك كان مقصودا من ناظمها رحمه الله.
وفاته: توفي ببلده عن سنّ عالية في شهر ربيع الآخر عام ثمانية وثلاثين وسبعمائة.
ورثاه شيخنا أبو بكر بن شبرين، رحمه الله، بقوله: [البسيط]
يا عين، سحّي بدمع واكف سرب ... لحامل الفضل والأخلاق والأدب
بكيت، إذ ذكر الموتى، على رجل ... إلى بليّ «٢» من الأحياء منتسب
على الفقيه أبي بكر تضمّنه ... رمس وأعمل سيرا ثم لم يؤب
قد كان بي منه ودّ طاب مشرعه ... ما كان عن رغب كلّا ولا رهب
لكن ولاء «٣» على الرحمن محتسبا ... في طاعة الله لم يمذق ولم يشب
فاليوم أصبح في الأجداث مرتهنا ... ما ضرّت الريح أملودا من الغضب
إنّا إلى الله من فقد الأحبّة ما ... أشدّ لذعا لقلب الثّاكل الوصب
من للفضائل يسديها ويلحمها؟ ... من للعلى بين موروث ومكتسب؟
قل فيه ما «٤» تصف ركنا لمنتبذ ... روض، لمنتجع أنس، لمغترب؟
باق على العهد لا تثنيه ثانية ... عن المكارم في ورد ولا قرب
سهل الخليقة بادي البشر منبسط ... يلقى الغريب بوجه الوالد الحدب