كم غيّر الدهر من حال فقلّبها ... وحال إخلاصه ممتدّة الطّنب
سامي المكانة معروف تقدّمه ... وقدره في ذوي الأقدار والرّتب
أكرم به من سجايا كان يحملها ... وكلّها حسن تنبيك عن حسب
ما كان إلّا من الناس الألى درجوا ... عقلا وحلما وجودا هامي السّحب
أمسى ضجيع الثّرى في جنب بلقعة ... لكن محامده تبقى على الحقب
ليست صبابة نفسي بعده عجبا ... وإنما صبرها من أعجب العجب
أجاب دمعي إذ نادى النعيّ به ... لو غير منعاه نادى الدمع لم يجب
ما أغفل المرء عمّا قد أريد به ... في كل يوم تناديه الرّدى اقترب
يا ويح نفسي أنفاس «١» مضت هدرا ... بين البطالة والتّسويف واللّعب
ظننت أنّي بالأيام ذو هزء ... غلطت بل كانت الأيام تهزأ بي
أشكو إلى الله فقري من معاملة ... لله أنجو بها في موقف العطب
ما المال إلّا من الله فأفلح من «٢» ... جاء القيامة ذا مال وذا نشب
اسمع «٣» أبا بكر الأرضى نداء أخ ... باك عليك مدى الأيام مكتئب
أهلا بقدمتك الميمون ظاهرها ... على محل الرّضى والسّهل والرّحب
نم في الكرامة فالأسباب وافرة ... وربما نيلت الحسنى بلا سبب
لله لله والآجال قاطعة ... ما بيننا من خطابات ومن خطب
ومن فرائد آداب يحبّرها ... فيودع الشّهب أفلاكا من الكتب
أما الحياة فقد ملّيت مدّتها ... فعوّض الله منها خير منقلب
لولا قواطع لي أشراكها نصبت ... لزرت قبرك لا أشكو من النّصب
وقلّ ما شفيت نفس بزورة من ... حلّ البقيع ولكن جهد ذي أرب
يا نخبة ضمّها ترب ولا عجب ... إن التراب قديما مدفن النّخب
كيف السبيل إلى اللّقيا وقد ضربوا ... بيني وبينك ما بقي من الحجب؟
عليك مني سلام الله يتبعه ... حسن الثّناء «٤» وما حيّيت من كثب