أعد نظرا فيها تجبك براحة ... وإنس «١» بما تقضي عليك وتحكم
أعدّ لها درياق صبرك إنها ... من البؤس والتّلوين والله أرقم
تلفّت إلى تعذيبها لمحبّها ... وماذا بها يلقى كئيب ومغرم
يظنّ بها ريحانة وهي سدرة ... ولا منتهى إلّا الرّدى والتّندم
عجبت لها تخفى علينا عيوبها ... وذاك لأنّا في الحقيقة نوّم
أليس عجيبا أن يعوّل عاقل ... على عاجل من وصلها يتصرّم؟
وما وصلها معشار عشر صدورها ... ولكنه صرف وللدّهر «٢» أدوم
إذا ابتسمت يوما ترقّب عبوسها ... فما إن لنا منها يدوم التّبسّم
ضحى كان وجه الدّهر سبر بشرّه ... فلم يمس حتى بان منه التّجهّم
ذرينا بعقد من وليّ مكانه ... مكين لدى العلياء سام معظّم
هوى مثل ما هوى من الأفق كوكب ... فجلّلنا ليل من الخطب مظلم
تساوى لديه صيدها وعبيدها ... وعالمها النّحرير والمتعلّم
هو الموت لا ينفكّ للخلق طالبا ... يروح ويغدو كلّ حين عليهم
وما هو إلّا الدّاء عزّ دواؤه ... فليس لشيء في البسيطة يحسم
دها كل مخلوق فما منه سيّد ... له الجاه عند الله ينجو ويسلم «٣»
ولو كان ذا كان النّبيّ محمد ... تجنّبه، صلّوا عليه وسلّموا «٤»
تعنّى به موسى ويوسف قبله ... ونوح وإدريس وشيث وآدم
به باد بهرام وتبّر بهرم ... وكسّر من كسرى سوار ومعصم
وكم من عظيم الشّأن حلّ بربعه ... فإن تختبره فهو ربّ وأعظم
ولكنّنا ننسى ونأبى حديثه ... وننجد في الإعراض عنه ونتهم
فحتّى إذا حلّ ساحة ماجد ... نطلّ بها من حسرة نتكلّم
نسينا حديث الموت جهلا بغدره ... فألهمنا إذ هزّنا منه ملهم
وفاة ورميّ في التّراب موسّد ... وآثاره فوق السّماك تخيّم
خبا ضوء ناديّ فأقفر «٥» ربعه ... من العلم والتّعليم ربع ومعلم