للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الحَدَثين والنجس ولو خطب بمسجد؛ لأنهما ذكر تقدم الصلاة أشبه الأذان، وتحريم لبث الجنب بالمسجد لا تعلّق له بواجب العبادة، (٥٦) وكذلك لا يُشترط لهما

واحدة مكوَّنة من خطبتين وصلاة، فلا يجوز التفريق بين أجزائها؛ إذ لو فرق لما تحقق ذلك المقصود، تنبيه: شروط صحة خطبتي الجمعة أحد عشر شرطًا وقد سبقت في مسائل (٤١) إلى (٥٥).

(٥٦) مسألة: لا تُشترط الطهارة لصحة خطبتي الجمعة، فلو خطب وهو على غير طهارة، أو كان ثوبه أو بدنه أو بقعته التي يخطب عليها نجسًا: فإن خطبته تصح؛ سواء كان ذلك في مسجد أو لا، وسواء كان حدثه أصغر كبول، أو أكبر كجنابة، وكذلك المستمع للخطبتين لا تشترط طهارته؛ للقياس، بيانه: كما أن الأذان يصح بدون طهارة فكذلك الخطبة مثله والجامع: أن كلًا منهما ذكر تقدَّم الصلاة، والذكر لا تشترط له الطهارة، فإن قلتَ: لمَ لا تشترط الطهارة هنا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة وتيسير على المسلمين؛ حيث إن بعض الخطباء، أو المأمومين لا يستطيع الاستمرار طوال الخطبتين وهو على طهارته، فدفعًا للمشقة عليه: شرع هذا، فإن قلتَ: تشترط الطهارة عن الحدث الأكبر إذا كانت الخطبة في المسجد؛ للتلازم؛ حيث يلزم من تحريم اللبث والجلوس في المسجد على الجنب: تحريم الخطبة في المسجد؛ لأنه لُبث فيه قلتُ: إن الخطبة عبادة واجبة هنا، ولا تعلُّق لتحريم اللبث في المسجد بتلك العبادة، فهو يؤجر على خطبتيه، ويأثم في هذا اللبث، فيكون كمن صلى وفي جيبه ريال مسروق، فيؤجر على صلاته، ويأثم على سرقته، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "تعارض القياس مع التلازم" فعندنا: يعمل بالقياس على عمومه، وعندهم: تُخصَّص بعض الحالات بالتلازم.

<<  <  ج: ص:  >  >>