للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره) ولو عبده أو ولده الكبير (فيجلس مكانه)؛ لحديث ابن عمر : "أن النبي نهى أن يُقيم الرجل أخاه من مقعده، ويجلس فيه" متفق عليه، ولكن يقول: "افسحوا" قاله في "التلخيص" (إلا) الصغير (ومن قدَّم صاحبًا له فجلس في موضع يحفظه له)، وكذا: لو جلس لحفظه بدون إذنه، قال في "الشرح": لأن النائب يقوم باختياره، (٩٠) لكن إن جلس في مكان الإمام، أو طريق المارَّة، أو استقبل المصلِّين في مكان ضيِّق: أقيم قاله أبو المعالي، (٩١) وكره إيثار غيره بمكانه الفاضل، لا قبوله،

(٩٠) مسألة: إذا دخل المسلم المسجد: فيحرم عليه أن يُقيم آخر ويجلس مكانه: سواء كان عبدًا له، أو ولد له، وسواء كان كبيرًا أو صغيرًا، ولكن يقول: "إن شئتم فتفسَّحوا"، أما إذا أرسل وكيلًا له قائلًا له: "احفظ لي مكان كذا في الجامع" فيجوز أن يُقيمه إذا دخل الجامع ويجلس مكانه؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث نهى "أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه" والنهي هنا مطلق فيقتضي التحريم، وهذا عام لما ذكرنا لأن "أخاه" منكر مضاف إلى معرفة وهو الضمير، وهذا من صيغ العموم، الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من كونه وكيلًا عنه: أن يقيمه إذا حضر؛ لأنه فعله باختياره، فإن قلتَ: لمَ حرم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن إقامة الآخرين فيه كسر لقلوبهم، ويؤدي إلى البغضاء والتنازع والعداوة، فإن قلتَ: إن الصغير يجوز أن يُقيمه الكبير من مجلسه ويجلس فيه -وهذا ما ذكره المصنف هنا قلتُ: لم أجد دليلًا يخصص الصغير من عموم الحديث السابق، تنبيه: قوله: "وكذا لو جلس لحفظه بدون إذنه" يُشير به إلى أن بعض الناس يجلس لحفظ بعض الأماكن الفاضلة، فإذا جاء شخص كبير في السن أو العلم قام لأجله، وترك له المكان، قلتُ: هذا لا يدخل في المسألة هنا؛ لأن هذا مُتبرِّع بمكانه، وتخلَّى عنه باختياره.

(٩١) مسألة: إذا جلس شخص في مكان الإمام أو المؤذن، أو في طريق المسلمين، =

<<  <  ج: ص:  >  >>