للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتخطَّى رقاب الناس)؛ لما روى أحمد: أن النبي وهو على المنبر رأى رجلًا يتخطَّى رقاب الناس فقال له: "اجلس فقد آذيت" (إلا أن يكون) المتخطِّي (إمامًا) فلا يُكره؛ للحاجة، والحق به في "الغنية" المؤذن (أو) يكون المتخطِّي (إلى فرجة) لا يصل إليها إلا به فيتخطَّى، لأنهم أسقطوا حق أنفسهم بتأخرهم (٨٩) (وحرم أن يُقيم

قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه" فيُكثر المسلم الدعاء، لعلَّهُ يصادف تلك الساعة، وقال: "أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة" وليلة الجمعة كيومها؛ إذ لا فرق من باب "مفهوم الموافقة فإن قلتَ: لمَ استُحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن في الدعاء، والصلاة على النبي من الخيرات والفضل ما لا يحصى.

(٨٩) مسألة: يحرم على المسلم أن يتخطَّى رقاب الناس إذا دخل المسجد ويُزاحمهم بالمشي بينهم بلا حاجة، أما إن كان هناك حاجة كأن يكون الإمام لم يجد طريقًا إلى المنبر إلا بتخطي رقابهم، أو يكون مؤذنًا كذلك، أو أن يجد مسلم فرجة لا يُمكنه الوصول إليها إلا بتخطي رقابهم: فإنه يجوز تخطِّيهم؛ لقاعدتين؛ الأولى: السنة القولية؛ حيث قال لرجل رآه يتخطَّى الناس: "اجلس فقد آذيت" حيث أوجب عليه الجلوس؛ لئلا يتخطى رقاب الناس؛ لأن الأمر هنا مطلق فيقتضي الوجوب، وترك الواجب حرام الثانية: التلازم؛ حيث إن مشروعية وصول الإمام أو المؤذن إلى مقدمة المسجد ليقوما بالخطبة والآذان، ويلزم من إسقاط بعض المأمومين حقه وجلوسه في آخر الصفوف: يلزم منه جواز التخطي؛ لوجود ما هو مشروع أكثر من حرمة التخطي، وهو: الخطبة للإمام، والأذان للمؤذن، ووجود فرجة ينبغي أن تُسد ليكمل الصف، وهذا التلازم قد قيَّد مطلق الحديث السابق، فإن قلتَ: لمَ حرم التخطي؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع مضرة المأمومين بتخطِّي أحد من عندهم، وإشغالهم عن الاستماع للخطبة والتفكُّر بما فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>