للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع لعارض لحقه، ثم عاد إليه قريبًا: فهو أحقُّ به)؛ لقوله : "من قام من مجلسه ثم رجع إليه قريبًا فهو أحق به" رواه مسلم، ولم يُقيِّده الأكثر بالعود قريبًا (٩٤) (ومن دخل) المسجد (والإمام يخطب: لم يجلس) ولو كان وقت نهي (حتى يصلي

هنا-؛ للقياس، حيث إن ذلك المصلَّى المفروش كالنائب عنه فكما لا يجوز أن يُقيم النائب عنه ويجلس مكانه فكذلك المصلى هذا مثله والجامع: النيابة في كل قلتُ: هذا قياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن الشخص النائب قد شغل المكان بشخصه، بخلاف المصلَّيات فليست مشخَّصة بأحد، فقد لا يأتي صاحبها، قلتُ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع المصلحة"، فعندنا: المصلحة العامة مقدمة على القياس، وعندهم: القياس مقدم.

(٩٤) مسألة: إذا جلس مسلم في مكان في المسجد، ثم خرج بسبب عذر عارض كرعاف أو حصر بول أو نحوه ثم رجع: فإنه يكون أحق بمجلسه الأول بشرط: أن يرجع قريبًا؛ للسنة القولية: حيث قال : "من قام من مجلسه ثم رجع إليه قريبًا: فهو أحقُّ به" وخُصِّص القيام بالعذر بالعادة والعرف؛ لكون المسلم لا يقوم عادة إلا لعذر أصابه، فإن قلتَ: لمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه سبق إليه مبكرًا، ولم يقم منه إلا بسبب العذر الذي طرأ عليه، فيكون أحق به، فإن قلتَ: هو أحقُّ به مطلقًا سواء عاد قريبًا أو بعيدًا وهو قول الأكثر من الحنابلة قلتُ: النص قد قيَّده بالعود قريبًا، فمفهوم الزمان منه قد دل على أنه ليس أحق به إذا عاد إليه بعد زمن بعيد من مفارقته له -وهو: الزمن الذي يزيد عن مجرَّد ذهابه للتطهر ونحوه-، فقول بعض الحنابلة ذلك مخالف لهذا المفهوم، فلا يُقبل، قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في مفهوم الزمان هنا" فعندنا: هو حجة، وعندهم: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>