للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو تفسير قوله: "ولا تضرب به" يعني أنها تتقنع به وتلويه على وجهها من أحد جانبيه إلى الجانب الآخر، فإن ذلك يكون سترًا لوجهها الذي وجب عليها كشفه في الإحرام، فأما إرساله على وجهها إرسالاً من غير أن تضرب به عليها فلا.

ولهذا قال الفقهاء: إن المرأة إذا أرسلت ثوبًا حذاء وجهها إرسالاً من غير أن تضرب عليه ويكون متجافيًا عنه، فلا بأس عليها وذلك جائز لها.

وحقيقة قوله: "ولا تضرب به" يريد أنها لا تلصق جلبابها ببشرة وجهها، كأن الجلباب قد ضرب الوجه بمباشرته له، ومنه قول الله -عز وجل-: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (١) أي: ترسلها ساقطة على الجيوب.

وقد أخرج الشافعي في القديم: عن مالك، عن نافع أن عبد الله ابن عمر كان يقول: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين".

هذا الحديث رواه مالك (٢) وأيوب موقوفًا على ابن عمر.

ورواه الليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مدرجًا في حديث ما لا يلبس المحرم من الثياب.

وتابعه على ذلك موسى بن عقبة [وإسماعيل بن إبراهيم] (٣) بن عقبة، وجويرية بن أسماء، ومحمد بن إسحاق.

وأخرجه البخاري في الصحيح (٤)، ورواه الشافعي في رواية حرملة عنه، عن الثقة، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا.

وأخرج الشافعي (رضي الله عنه): أخبرنا مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة "أنه رأى عثمان يغطي وجهه وهو محرم".


(١) النور: [٣١].
(٢) الموطأ (١/ ٢٦٨ رقم (١٥)).
(٣) في الأصل انقلب اسمه فصار [إبراهيم بن إسماعيل] والمثبت من المعرفة (٧/ ١٤٠) وصحيح البخاري ويأتي تخريجه.
(٤) البخاري (١٨٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>