الصيد إذا كان متعمدًا لقتله وليس ناسيًا لإحرامه، ولا أراد أن يرمي شيئًا فأخطأ فوقع في صيد؛ أنه لا شيء عليه من الجزاء، إنما يحل إحرامه ولا رخصة له من كفارة ولا غيرها، يعني أن عليه العقوبة التي دل عليها قوله تعالى:{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ الله مِنْهُ}(١) وإن كان قاتل الصيد قد تعمد قتله وهو ناس أنه محرم، أو أراد أن يرمي شيئًا غير الصيد فوقع في صيد فقتله، فإن هذا هو العمد الذي تكفره النعم ويجب فيه الجزاء، وبيان نظم لفظ هذا الحديث:-
أما القسم الأول: فإن قوله: "غير ناسٍ" منصوبًا على الحال تقديره: قتله ذكرًا لإحرامه، وقوله:"ولا مريدًا" منصوب بالعطف على موضع غير ناسٍ كما ذكرناه، وقوله:"فأخطأ به"من جملة المعطوف، تقديره: ولا مريدًا غيره ولا مخطئًا به، أي: لم يكن مريدًا لغيره بالرمي. فحصل من مجموع هذا اللفظ أنه قتل ذاكرًا أو غير مخطئ به.
وأما القسم الثاني: فتقديره: قتله ناسيًا أو مريدًا مخطئًا.
وقوله:"المكفر عليه النعم" يريد الذي يجب فيه الجزاء، فسمى الجزاء كفارة، والنعم: الإبل، والبقر، والغنم.
قال الشافعي: قوله: أحسبه ذهب إلى عقوبة الله قال: ومعناه في الصيد: أنه لا يكفر العمد الذي لا يخلطه ويكفر العمد الذي يخلطه الخطأ، يذهب إلى أنه إن عمد قتله ونسي إحرامه، أو عمد غيره فأصابه يعني كفر.
وقد أخرج الشافعي (رضي الله عنه): عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا}(١) قال: يعني متعمدًا لقتله ناسيًا لحرمه فذلك الذي يحكم عليه، ومن قتله متعمدًا لقتله ذاكرًا لحرمه لم يحكم عليه.
قال الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سعيد، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا