عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ}. قال: من أجل أنه أصابه في حرم -يريد البيت- كفارة ذلك عند البيت.
الجزاء: مصدر جزيته أجزيه جزاء، وهو مقابلة الصنع بما يماثله أو يكافئه، وهو من قوله: جزى عني هذا الأمر أي قضى.
ومعنى الآية: ومن قتله منكم متعمدًا فعليه جزاء مثل ما قتل من النعم، أي فعليه من النعم جزاء مثل المقتول من الصيد، ومن النعم تتعلق بجزاء تعلق الخبر بالمبتدأ لا بالمقتول، وقد قرئ:"فجزاء مثل ما قتل" الرفع فيهما وتنوين الجزاء، أي: فيلزمه جزاء مثله من النعم، التقدير: فعليه جزاء مثله، فيكون مثله صفة الجزاء، ويجوز أن يرفع الجزاء بالابتداء ومثل ما قتل خبر، فالمعنى: فجزاء ذلك الفعل مثل ما قتل، وعلى القراءة الأولى: يكون من النعم خبر المبتدأ الذي هو الجزاء، وهديًا: منصوب على الحال من الضمير في يحكم به، أو أنه تلك من محل مثل لأن موضعه النصب، التقدير: يجزئ مثل ما قتل.
وبالغ الكعبة: وصف للهدي يريد أنه يبلغ بالهدي الكعبة ويذبحه عندها، ولذلك جاء في الجواب: من أجل أنه أصابه في حرم البيت، وذلك أن جزاء الصيد يجب بأمرين أحدهما: على المحرم، والثاني: على من قتله في الحرم وإن لم يكن محرمًا.
ولذلك قال عطاء: إنما وجب بلوغه الكعبة لأنه قتله في الحرم.
وكفارة عطف على قوله: فجزاء، أي فعليه هذا أو هذا.
والذي ذهب إليه الشافعي (رضي الله عنه): أن الواجب في جزاء الصيد مثله من الإبل والبقر والغنم، وهو مخير أن يخرج المثل ويذبحه ويفرق لحمه، وبين أن يقومه بدراهم ويقوم الدراهم طعامًا ويتصدق بالطعام، وبين أن يصوم عن كل مد يومًا. وبه قال مالك إلا أنه قال: إذا قومَّ قوَّم الصيد وبذلك حكم عمر،