وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه أنه كان حين نظر إلى البيت يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام.
قوله:"حين نظر" مقتضى اللفظ أن يقول: حين ينظر، فيأتي بالمستقبل حتى يتناسق اللفظ، فإن صحت الرواية بقوله:"نظر" فإنه يكون قد أعطى لفظة حين معنى إذا لأنهما من أسماء الزمان. التقدير: أنه كان إذا نظر إلى البيت يقول.
والسلام: اسم من أسماء الله تعالى، وقد تقدم معناه على اختلاف أقوال العلماء فيه.
وقوله:"ومنك السلام" يريد السلامة والأمن.
وقوله:"فحينا ربنا بالسلام" أي اجعل تحيتنا منك السلام، وهو قوله تعالى:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}(١).
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج قال: حُدِّثت عن مقسم -مولى عبد الله بن الحارث- عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"ترفع الأيدي في الصلاة، وإذا رأى البيت، وعلى الصفا والمروة، وعشية عرفة، وبجمع عند الجمرتين، وعلى الميت".
قوله:"ترفع الأيدي" إخبار يتضمن أمرًا أي لرفع الأيدي. وقد جاء مثل هذا في العربية كثير.
والذي ذهب إليه الشافعي -فيما حكاه أبو حامد في الجامع-: أنه إذا رأى البيت يستحب أن يرفع يديه.
والذي قاله الشافعي في الإملاء: لا أكرهه ولا أستحبه، ولكن إن رفع كان حسنًا. وحكى ذلك عن الثوري، وأحمد، وإسحاق، وابن المبارك.