للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "قاتل الله فلانًا" أي قتله، وهو في أصل الوضع فَاعَلَ من القتل، ويستعمل في الدعاء على الإنسان، وفي التعجب منه، وقيل معناه: عاداه الله، والأصل الأول.

"وجَمَّلْتُ" الشحم، وأجملته: إذا أذبته، وجملته أفصح اللغتين وأكثر.

وهذا الحديث مؤكد للنهي عن بيع الخمر وتعليل لما سبق في الحديث قبله من قوله: "إن الذي حرم شربها حرم بيعها" وعمر استدل على ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "قاتل الله اليهود؛ حُرِّمت عليهم الشحوم ... " الحديث وذلك أنهم لما حرم عليهم أكلها أفتوا أنفسهم فَأَذابوها فباعوها وانتفعوا بثمنها، فقاس عمر فعل سمرة على فعل اليهود لما حرمت عليه الخمر وتعذر عليه الانتفاع بها؛ باعها لينتفع بثمنها.

وقد أخرج المزني، عن الشافعي، عن عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن بركة أبي الوليد، عن ابن عباس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدًا خلف المقام، فرفع رأسه إلى السماء، فنظر ساعة ثم ضحك، ثم قال: قاتل الله اليهود؛ حرمت عليهم الشحوم، فباعوها فأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه".

أخرجه أبو داود (١).

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: "أن رجالًا من أهل العراق قالوا له: إنا نبتاع من ثمر النخل والعنب، فنعصره خمرًا فنبيعها، فقال عبد الله: إني أُشْهِدُ الله عليكم وملائكته ومن يسمع من الجن والإنس أني لا آمركم أن تبيعوها ولا تبتاعوها [ولا تعصروها] (٢) ولا


(١) أبو داود (٣٤٨٨).
(٢) ليست في "الأصل"، والمثبت من "مسند الشافعي"، "والأم" (٦/ ٨٠)، والسنن الكبرى للبيهقي (٨/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>