للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعثمان، وجرير بن عبد الله، وابن عمر، وأبو برزة الأسلمي، وبه قال شريح، وابن المسيب، والحسن، والشعبي، وطاوس، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، وهو قول الشعبي، وابن أبي ذئب، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، قالوا جميعهم: أن المتبايعين أذا تبايعا وتعاقدا كان [لكل] (١) واحد منهما الخيار في فسخه ما داما في المجلس الذي عقدا فيه البيع، ولا يلزم العقد بمجرده.

وقالت طائفة: يلزم العقد بالإيجاب والقبول، ولا يثبت خيار المجلس، وبه قال النخعي وأصحاب الرأي ومالك، فالتفرق هو نفس الإيجاب والقبول، يعنون التفرق بالكلام، كأنهما بذلك قد تفرقا أي حصل [كل] (٢) واحد منهما بما عقده عليه البيع، وهذا هو الافتراق لا التفرق.

وظاهر الحديث يشهد لصحة الأول، وعلى ذلك فسره ابن عمر وهو راوي الحديث: "أن ابن عمر كان إِذا أراد أن يوجب البيع مشى قليلاً ثم رجع"، وكذلك تأويله أبو برزة الأسلمي في شأن الفرس الذي باعه الرجل من صاحبه، وسيرد ذكره بعد هذا الحديث.

فلو كان تأويل الحديث على ما ذهبوا إِليه؛ لخلا الحديث عن الفائدة، وذلك أن من المعلوم أن المشتري ما لم يوجد منه قبول البيع فهو بالخيار، وكذلك البائع خياره ثابت في ملكه ما لم يعقد البيع وهذا من العلم العام الذي قد استقر بيانه، فإن الناس يُخَلَّون وأملاكهم، لا يكرهون على إخراجها من أيديهم، ولا تملك عليهم إلا بطيب أنفسهم، والخبر الخاص يروى في الحكم الخاص فَيُثْبِتُ أن المتبايعين هم المتعاقدان.

والبيع من الأشياء المشتقة من أفعال الفاعلين، باع يبيع بيعًا فهو بائع وبَيِّع،


(١) في "الأصل": كل، وما أثبتناه أليق بالسياق.
(٢) ليست في "الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>