والذي ذهب إليه الشافعي: أن السارق إذا سرق ما قيمته ربع دينار قطع سواء كان رطبًا أو يابسًا. وبه قال مالك.
وقال أبو حنيفة: لا يجب القطع في الطعام الرطب الذي يتسارع إليه الفساد كالفواكه والطبائخ.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن حميد الطويل أنه سمع قتادة يسأل أنس بن مالك عن القطع؟ فقال أنس: حضرت أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- فقطع سارقًا في شيء ما يسرني أنه لي بثلاثة دراهم.
وهذا الحديث ذكره الشافعي -رضي الله عنه- مؤكدًا لحديث عائشة وابن عمر، وبيانا لما ذهب إليه، فإن أنسًا قال: إن الذي قطع فيه ما يسرني أن يكون لي بثلاثة دراهم فإنها أنفس عنده منه، وهذا مبالغة في وجوب القطع بهذا القدر المذكور.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا غير واحد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي -كرم الله وجهه- قال: القطع في ربع دينار فصاعدًا.
وهذا الحديث مؤكد لما سبق من تعيين القطع في ربع دينار.
وقد روى هذا الحديث سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن عليًا قطع يد سارق في بيضة من [حديد ثمنها](١) ربع دينار.
والقائلون بخلاف هذه الأحاديث محتجون بما روي عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: كانت قيمة المجن الذي قطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة دراهم. والعجب ممن يرد حديث عائشة وابن عمر وعثمان وأنس وعلي الثلاثة من الطرق المختلفة الواردة في كتب الصحاح ويتمسك بمثل هذا الحديث؛ وبحديث ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مثله! ومن أنصف ورجع إلى
(١) في الأصل [حديث ثمنها] والتصويب من المعرفة (١٢/ ٣٧٨).