للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفعها إلى محاذاة أذنيه.

وقد حكي عن الشافعي أنه لما جاء إلى بغداد، سئل عن اختلاف الأحاديث التي جاءت في منتهى رفع اليدين؟ فقال: يمكن الجمع بينها وأري أن يحاذي رءوس أصابعه أذنيه، وإبهامه شحمة أذنيه، وكفاه منكبيه، فاستحسنوا ذلك منه.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن عاصم بن كليب قال: سمعت أبي يقول: حدثني وائل بن حجر قال: "رأيت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه، وإذا ركع، وبعد ما يرفع رأسه".

قال وائل: ثم أتيتهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.


= يرفع في كل خفض ورفع على حديث ابن عمر ومرّةً قال: لا يرفع إلا في تكبيرة الإحرام، ومرة قال: لا يرفع أصلاً. والذي عليه أصحابنُا أن الرَّفْعَ عنْدَ الإحْرامِ لا غير.
قالَ أبو عمر: وحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ مذهب ابْنِ القاسم في روايته عَنْ مالِك في حديث ابن مسعُود، وحديث البراء بنِ عازب عنِ النَّبيِّ عليه السلام أنَّه كان يَرْفعُ عند الإحْرام مَرَّةً، لا يزيد عليها.
وبعض رواتهما يقولُ: كانَ لا يرفَعُ في الصلَّاةِ إلاَّ مّرَّة وبعضهُم يقولُ:
كانَ يرفعُ يدَيْهِ إذَا افْتتَحَ الصلَّاةَ.
وقد ذكَرْنا الحديثَيْنِ مِنْ طرق في "التمهيِد"، وذكرنا العِلَّةَ عَنِ العلماءِ فيهما هنا.
وروى أبو مصعب، وابنُ وهبِ، عَنْ مَالكِ أنَّهُ كانَ يرفعُ يديْهِ إذا أحْرَمَ، وإذَا رَكَعَ، وإذَا رفَعَ مِنَ الرُّكُوع على حديثِ ابن عمَر.
وراهُ أيضًا عَنْ مالك، الوليدُ بنُ مسلم، وسعيدُ بنُ أبي مريم، وقال ابن عبد الحكم: لم يرْوِ أحمد عَنْ مالِكِ مثل رواية ابن القاسم في رَفع اليدين.
قال محمدٌ: والذي آخذُ بهِ أنْ أرفَعَ على حديث ابنِ عمر.
وذكرَ أحمدُ بنُ سعيد، عَنْ أحمد بنِ خالد، قالَ: كانَ عندنا جماعَةٌ من علمائنا يرفعُون أيديهم في الصلَّاةِ على حديث ابن عمر، ورواية من روى ذلك عَنْ مالك، وجماعةٌ لا يرفعون إلاَّ في الإحْرامِ على روايةِ ابنِ القاسم، فَما عابَ هؤلاءِ على هؤلاء، ولا هؤلاء على هَؤلاءِ.
وقال الحافظ في الفتح (٢/ ٢٥٧):
لم أر للمالكية دليلًا على تركه ولا تمسكّا إلا يقول ابن القاسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>