قالَ أبو عمر: وحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ مذهب ابْنِ القاسم في روايته عَنْ مالِك في حديث ابن مسعُود، وحديث البراء بنِ عازب عنِ النَّبيِّ عليه السلام أنَّه كان يَرْفعُ عند الإحْرام مَرَّةً، لا يزيد عليها. وبعض رواتهما يقولُ: كانَ لا يرفَعُ في الصلَّاةِ إلاَّ مّرَّة وبعضهُم يقولُ: كانَ يرفعُ يدَيْهِ إذَا افْتتَحَ الصلَّاةَ. وقد ذكَرْنا الحديثَيْنِ مِنْ طرق في "التمهيِد"، وذكرنا العِلَّةَ عَنِ العلماءِ فيهما هنا. وروى أبو مصعب، وابنُ وهبِ، عَنْ مَالكِ أنَّهُ كانَ يرفعُ يديْهِ إذا أحْرَمَ، وإذَا رَكَعَ، وإذَا رفَعَ مِنَ الرُّكُوع على حديثِ ابن عمَر. وراهُ أيضًا عَنْ مالك، الوليدُ بنُ مسلم، وسعيدُ بنُ أبي مريم، وقال ابن عبد الحكم: لم يرْوِ أحمد عَنْ مالِكِ مثل رواية ابن القاسم في رَفع اليدين. قال محمدٌ: والذي آخذُ بهِ أنْ أرفَعَ على حديث ابنِ عمر. وذكرَ أحمدُ بنُ سعيد، عَنْ أحمد بنِ خالد، قالَ: كانَ عندنا جماعَةٌ من علمائنا يرفعُون أيديهم في الصلَّاةِ على حديث ابن عمر، ورواية من روى ذلك عَنْ مالك، وجماعةٌ لا يرفعون إلاَّ في الإحْرامِ على روايةِ ابنِ القاسم، فَما عابَ هؤلاءِ على هؤلاء، ولا هؤلاء على هَؤلاءِ. وقال الحافظ في الفتح (٢/ ٢٥٧): لم أر للمالكية دليلًا على تركه ولا تمسكّا إلا يقول ابن القاسم.