أحدهما: الإظهار: وهو أن يذكر ما فضلهم فيه بالحسن؛ فتقول: وجهًا أو خلقًا أو غير ذلك مما تريد أن تخص التفضيل به.
والثاني: الإضمار: وهو أن تسكت على قولك: أحسن الناس، فلا يجوز إلا فيما يفهم من ظاهره ما سكت من ذكره؛ وهو في مثل هذا المثال إما صورة؛ أو خلقة، لأن الحسن لما لم يخصصه بأحد أوصافه أو أجزائه كان شاملًا له، ولا يكون في هذا المثال إلا على ما قلناه؛ فأما على قولهم: زيد أعلم الناس، أو أفضل الناس، أو أرحم الناس، وما أشبه ذلك، فإنما هو على تقدير: أعلم الناس علمًا، وأفضلهم فضلاً، وأرحمهم رحمة.
أو على تقدير: أكثر الناس علمًا، وفضلاً، ورحمة، ونحو ذلك فلما كثر الاستعمال جاز حذف هذا معه، لدلالة الحال عليه والخطاب.
فأما أشبه الناس كما جاء في هذا الحديث وأمثاله، فلا يجوز إلا بذكر المخصوص بالتفضيل، فاحتاج أن يقول:"أشبهكم صلاة".
ثم لما أراد أن يذكر الشبه به جاء به فقال:"بصلاة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -".
فجاء باللفظ تامًّا كاملًا مظهرًا لا يحتاج إلى تقدير، ولا حذف، ولا إضمار.
وأما رواية مالك؛ فإنه حذف اللفظ المميز المخصوص بالتفضيل، واقتنع باللفظ المشبه به لدلالة الثاني عليه؛ لأنه لما ذكر الشبه به عُلِمَ منه الغرض؛ وأنه بماذا يشبه؛ فحذف المخصوص بالتفضيل لذلك.
وأما رواية الباقين بعكس رواية مالك، فإنهم حذفوا الشبه به واكتفوا بذكر المخصوص بالتفضيل، لدلالته على المحذوف والتقدير فيه: بصلاة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لأنه لم يرد أنه يشبه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في غير صلاته، كما أراد في رواية مالك أنه يشبه صلاة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -.
وكلتا الروايتين في مقام واحد من البيان، لا يكاد تفضل إحداهما الأخرى.