للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون قوله: فأخر النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء ذات ليلة" يجوز أن يريد بها المغرب كما قلناه.

ويجوز أن يكون أراد بها العشاء الآخرة، وذلك أنه لما أراد أن يخبره عن صلاته مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يصلي الصلاتين معًا قال: كان يصلي العشاء والعتمة، ثم أراد يخبر أن الصلاة التي أمَّ قومه بها كانت العتمة سمَّاها باسمها الشرعي وهو العشاء؛ هذا على تقدير أن يكون أراد أن يخبر أنه كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاتين، فأما إن كان أراد أنه كان يصلي العشاء فوجه الجمع بين قوله: العشاء والعتمة. أنه لما قال: كان يصلي صلاة العشاء ربما كان سبق إلى الوهم أنه يريد فأتبعها بقوله: "والعتمة" ليخصصها بالذكر ويمنع من طرآن ذلك الوهم، فكأنه قال: كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة التي تسمى العشاء أو العتمة.

وأما ما جاء في النسخة الأخرى وهو قوله: "أو العتمة" بالشك فإن هذا الشك إن كان في أصل العلم بإحدى الصلاتين المغرب أو العتمة على ما قلنا؛ ولم يدر أيهما كانت الصلاة فيجوز إطلاقه على جابر أو من بعده من الرواة، إلا أن إضافته إلى جابر أبعد لقرب عهده بالحادثة؛ ولأنه قد شاهدها ويعضد ذلك: أن باقي روايات الشافعي وروايات الجماعة الذين أخرجوا هذا الحديث أكثر ما أخرجوا طرقهم وسمعوا صلاة العشاء.

وقد جاء في بعض طرق أبي داود: "صلاة المغرب" فيتوجه الشك لذلك.

هذا إذا كان الشك في إحدى الصلاتين، فإن كان الشك في أي الاسمين روى الحديث هل هو العشاء أو العتمة؟ فينصرف الشك عن جابر؛ لأنه لم يشك في نفسه الصلاة التي صلاها معاذ؛ إنما الشك ممن روى عن جابر، هل قال: العشاء أو العتمة؟ أو ممن روى من رجال هذا الحديث غير التابعي -والله أعلم- وأما قوله: "وهي لهم مكتوبة العشاء" فيجوز أن يضاف مكتوبة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>