للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشاء وأن تنوبه مكتوبة.

"والمكتوبة": هي المفروضة فمعنى الإضافة أي وهي لهم فريضة العشاء.

وأما التنوين فيكون التقدير: وهي لهم فريضة، وذلك ليزدوج الكلام فإنه قال: فهي له تطوع، فاحتاج أن يقول: وهي لهم مكتوبة، ثم لما قال ذلك أردفه بقوله: العشاء بيانًا؛ لأن المكتوبة كانت فريضة العشاء، ويكون العشاء مرفوعًا لأنه بدل من قوله: مكتوبة، كأنه قال: وهي لهم للعشاء.

وهذه الألفاظ التي هي قوله: "فهي له نافلة ولهم مكتوبة" يتعلق بها حكم من أحكام أصول الحديث، وذلك أن كل ما كان موصولاً بالحديث مدرجًا به فهو منه، إلا أن تقوم دلالة على التمييز وخاصة إذا روي من وجهين فالظاهر أن قوله: "هي له نافلة ولهم مكتوبة" من قوله جابر بن عبد الله فقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم بالله وأخشى له من أن يقولوا مثل هذا إلا بعلم (١).

وحين حكى الرجل فعل معاذ لرسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) لم ينكر منه إلا التطويل، ولم يفصل الحال عليه في الإمامة ولو كان فيها تفصيل لعلمه إياه كما علمه ترك التطويل.

قال الشافعي: قلت لبعض أهل العلم: أرأيت هذا الحديث إذ رواه جابر وعمرو بن دينار وأبو الزبير وعبيد الله بن مقسم أصحيح هو؟ قال: نعم وعمرو من وافق الناس قلت: وجابر أوثق. قال: نعم. قلت أفتعرف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلافه؟ قال: لا. قال: فإن صاحبنا قال: [لعل] (٢) معاذًا كان يجعل


(١) قال الحافظ في الفتح (٢/ ٢٣٠) عقب ذكر هذه الزيادة: هو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح .... فهي زيادة من ثقة حافظ ليست منافية لرواية من هو أحفظ ولا أكثر عددًا، فلا معنى للتوقف في الحكم بصحتها وأما ما رد الطحاوي لها باحتمال أن تكون مدرجة، فجوابه: أن الأصل عدم الأدراج حتى يثبت التفصيل فمهما كان مضمومًا إلى الحديث فهو منه ولاسيما إذا روي من وجهين والأمر هنا كذلك.
(٢) ما بين المعقوفتين بالأصل [لعلنا] وهو تصحيف والمثبت هو الجادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>