خوف ولا سفر تبيينًا للحال المخالفة للأصل، ليعلم أن الجمع لم يكن في مظنته المعهودة.
وقد قال الشافعي: أمَّ جبريل -عليه السلام- رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحضر ولا مطر وقال:"ما بين هذين وقت" فلم يكن لأحد تعمد أن يصلي بالصلاة في حضر ولا مطر إلا في هذا الوقت، ولا صلاة إلا منفردة كما صلى جبريل -عليه السلام- بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فصلى النبي بعد مقيمًا في عمره، ولما جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة آمنًا مقيمًا لم يحتمل إلا أن يكون مخالفًا لهذا الحديث، أو يكون الحال التي جمع فيها حالاً غير الحال التي فرق فيها.
ولم يجز أن يقال: جمعه في الحضر مخالف لإفراده في الحضر من وجهين: أنه يوجد لكل واحد منهما وجه. وأن الذي رواهما معًا واحد وهو ابن عباس.
فعلمنا أن لجمعه في الحضر علة فرقت بينه وبين إفراده فلم يكن إلا المطر -والله أعلم- إذا لم يكن خوف ووجدنا في المطر علة المشقة العامة فقلنا: إذا كانت العلة من مطر في حضر جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن الجمع بين صلاتي الظهر والعصر وبين صلاتي المغرب والعشاء، يجوز في المطر للمقيم كما يجوز للمسافر.
وروي ذلك عن عبد الله بن عمر وهو مذهب الفقهاء السبعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وخارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة؛ وسليمان بن يسار.
وبه قال مالك، والليث، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور.
إلا أن مالكًا وأحمد أجازا ذلك في المغرب والعشاء دون الظهر والعصر.