للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما جعله الدجاجة والبيضة من الهدي وليسا بهدي إجماعًا فإنما حمله على ما قبله تشبيهًا به، فأعطاه مجازًا وتنزيلًا في القلة إلا (١) أدنى الأشياء، ولأنه ابتدأ بالبدنة وأراد بها البعير، ثم البقرة وهي دونها، ثم الكبش وهو دون البقرة وهذا منتهى ما يجوز أن يهدى، ثم أتبعه الدجاجة والبيضة وذلك مما يقوي قول من جوز: أنه أراد الهدية المتداولة بين الناس لا الهدي إلى البيت الحرام.

"والرواح": لا يكون إلا بعد الزوال كما أن الغدو لا يكون إلا قبله.

ولذلك ذهب مالك بن أنس: إلى أن الساعات التي ذكرت في الحديث إنما هي أجزاء من الزمان قليلة، أولها بعد الزوال وإلى وقت جلوس الإِمام على المنبر وليست الساعات الحقيقية.

إلى كل ساعة منها جزء من أربعة وعشرين جزءًا من يوم وليلة.

فعند مالك أن الفضيلة المرتبة هي بعد الزوال، كما تقول: فعدت عندك ساعة أي جزءًا من الزمان وإن لم تكن ساعة حقيقية؛ وإنما جاز ذلك لأن الأجزاء متصلة متقاربة؛ فجاز إطلاق البعض القليل على ما هو أقل منه.

وقيل: إنما أراد بالرواح الذهاب إلى الصلاة من طلوع الشمس فما بعدها إلى وقت الزوال، فإن الصلاة وإن كانت لا تصلى إلا بعد الزوال فإنه قد جعل القصد إليها رواحًا، كما يقال لمن يقصد بيت الله الحرام: حجاج، وللخارجين إلى الغزوة: غزاة، قبل أن يحجوا ويغزوا.

وزعم بعضهم: أن الرائح هو الخارج من أهله، فكل من خرج من أهله في وقت من الأوقات فقد راح، ولذلك يقولون إذا أراد الرحيل إلى وقت كان من ليل أو نهار: الرواح.

والأصل في الرواح الأول وإن جاء هذا فعلى المجاز.


(١) كذا ولعلها: إلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>