ذلك الجذع فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، هل لك أن نجعل لك منبرًا تقوم عليه يوم الجمعة، ويسمع الناس يوم الجمعة خطبتك؟. قال:"نعم".
فصنع له ثلاث درجات هن اللاتي على المنبر، فلما صنع المنبر وضع موضعه الذي وضعه فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بدا للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم على ذلك المنبر فيخطب عليه فمر إليه، فلما جاوز ذلك الجذع الذي كان يخطب إليه خار حتى تصدع وانشق؛ فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سمع صوت الجذع فمسحه ييده ثم رجع إلى المنبر؛ فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبيّ بن كعب، وكان عنده في بيته حتى بلي وأكلته الأرضة وعاد رفاتًا".
"العريش": ما يستظل به من أخشاب تنصب وسقف وكذلك العرش، وعرش البيت سقفه وهو فعيل بمعنى مفعول.
"وبدا" لفلان أن يفعل كذا: أي: عنَّ له ونشأ له فيه رأى، وهو من البدو الظهور والمصدر منه بدا ممدود.
"والخوار": الصوت، خار يخور خوارًا إذا صاح.
"وتصدع الشيء": إذا تشقق صدعه فانصدع وصدعته فتصدّع شدد للتكثير.
وإنما جمع بين التصدع والانشقاق وهما بمعنىً واحد: لأحد أمرين: إما للتأكد على عادة لغتهم لاسيما مع اختلاف اللفظ، فإن هذا النوع في كلامهم كثير.
وإما إختلاف البنائين فإن التصدع للتكثير، والانشقاق لا يختص بالتكثير.
ويمكن أن يقال: إن التصدع عبارة عن تشقق في الجسم متفرق في نواحيه.
"والانشقاق": كأنه أبلغ في تفرق الأجزاء وأكثر فكًّا للجسم وتأثيرًا.
"والأرضة": دويبة صغيرة من أجناس الدود تأكل الخشب وكأنها تتولد منه، يقال: أرضت الخشبة تؤرض أرضا فهي مأروضة.