للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"والرفات": العظام المتكسر البالي من الأجسام وكأنه بالنبات أشبه، ورفت الشيء: كسرته وحطمته بمعنًى.

وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث "فلما وضع المنبر ووضع موضعه" فأدخل واو العطف على "وضع" وهو أولى، ليكون بدا غير متعلقة بشيء إلا أن يبدل الجملة الثانية من الأولى.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة خطبتين قائمًا يفصل بينهما بجلوس".

هذا الحديث أخرجه مالك (١) مرسلًا: عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب خطبتين يوم الجمعة وجلس بينهما.

ورواية الشافعي أولى لأنها مسندة (٢)، ولأنها حكاية كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يواظب عليها بقوله: "كان يخطب" وذلك إشارة إلى دوام فعله؛ بخلاف قوله: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب خطبتين يوم الجمعة" فإن ذلك يدل على حكاية حال واحدة فلم يختلف أحد من العلماء أن الخطبة في الجمعة واجبة لا بد منها، إلا ما حكي عن الحسن البصري أنه قال: لا تجب. ثم القيام شرط فيها مع القدرة عليه.

وقال أبو حنيفة وأحمد: تجوز قاعدًا.

والقدر الواجب من الخطبة الأولى: هو حمد الله والثناء عليه، والصلاة على


(١) الموطأ (١/ ١١٢ رقم ٢١).
(٢) هذا على تقدير ثبوتها لكن إسناد الشافعي واهٍ، وفيه: إبراهيم بن محمد؛ وهو متروك، وقد خالفه مالك المثبت، وقد جاء هذا الحديث موصولًا من غير هذا الوجه.
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٥/ ١٢٤ - ١٢٥) -عقب حديث مالك-: مرسل في روايته عند جميع رواته وقد أسندناه من طرق في "التمهيد" صحاح كلها منها حديث عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب خطبتين قائمًا يفصل بينهما
بجلوس. وانظر التمهيد (٢/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>