والثاني: أن الثانية قصيرة فاحتمل فيها القيام دون الأولى لطولها.
وقد أخرج الشافعي: فيما بلغه عن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن الحسن بن صالح، عن أبي إسحاق قال: رأيت عليًّا يخطب يوم الجمعة ثم لم يجلس حتى فرغ.
قال البيهقي: يحتمل أن يكون أراد لم يجلس في حال الخطبة خلاف ما أحدث بعض الأمراء.
وقد أخرج الشافعي قال: بلغنا عن سلمة بن الأكوع أنه قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الدرجة التي تلي المستراح قائمًا ثم سلم وجلس على المستراح حتى فرغ [المؤذن](١) من الأذان، ثم قام فخطب الخطبة الأولى ثم جلس ثم قام فخطب الثانية.
وأتبع هذا الكلام الحديث فلا أدري أحدثه عن سلمه أم شىء فسره هو في الحديث.
قال الشافعي: حدثني محمد بن عمر، عن عبد الله بن يزيد، عن إياس بن سلمة -يعني: ابن الأكوع- عن أبيه:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس جلستين وخطب خطبيتين يوم الجمعة".
قال الشافعي: والإمام يجلس جلستين ويخطب خطبتين وهكذا السنة.
والأثر الأقوى أن حديث ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن السائب بن يزيد قال: كان الأذان الأول يوم الجمعة، حين يخرج الإمام فيجلس على المنبر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر.
فهذا يدل على أنهم كانوا يجلسون جلسة حتى يفرغ المؤذنون من أذانهم.
(١) ما بين المعقوفتين بالأصل [المؤخر] وهو تصحيف والتصويب من "الأم" (١/ ٢٠٠)، و"المعرفة" (٤/ ٣٦٠).