للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل متعد بنفسه فلا يحتاج إلى معد فلو قال: قرأت سورتين لكفاه، ولكنه أراد أن قراءته كانت مقروء بها بين السورتين، وأن الباء بمعنى الملابسة والمخالطة: أي قرأت متلبسًا بهاتين السورتين، كقوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (١) أي: تنبت ملتبسة ومختلطة بالدهن وأن الباء زائدة.

وقوله: "قرأ في إثر سورة الجمعة" يريد به: القراءة في الركعة الثانية لا أنه جمع بين السورتين في ركعة واحدة، تقول: جئت على إثره -مكسورة الهمزة- مثل أثره أي من بعده وعقيبه، وإنما جعل القراءة في الركعة الثانية على إثر القراءة في الركعة الأولى؛ لأن الركعة في اصطلاح الشرع: عبارة عن جميع الأفعال والأقوال المتعلقة بها من القيام، والقراءة، والركوع، والسجود، والنهوض، فحكم ذلك جميعه حكم شيء واحد، فكانت القراءة في الركعة الثانية في إثر الأولى، لأنها عند إنقضائها والفراغ منها شرع في القراءة، فجاز لذلك أن تقول: قرأ في إثر سورة الجمعة {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}.

والمستحب عند الشافعي: أن يقرأ في الصلاة الجمعة (٢) بهاتين السورتين.

وأبو حنيفة يرى تخصيص القراءة بشيء.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن ضمرة بن سعيد المازني، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة [أن] (٣) الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير: "ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ به يوم الجمعة؟. فقال: كان يقرأ بـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ".

هذا حديث صحيح أخرجه الجماعة إلا البخاري.

فأما مالك (٤): فأخرجه بالإسناد واللفظ.


(١) المؤمنون: [٢٠].
(٢) كذا بالأصل والجادة: (صلاة الجمعة).
(٣) سقط من الأصل والاستدارك من مطبوعة المسند.
(٤) الموطأ (١/ ١١٢ رقم ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>