ش: أي: وكان من البرهان لأهل المقالة الثانية فيما ذهبوا إليه؛ تقريره: أن أمر النبي - عليه السلام - بالوتر في الآثار المذكورة يحتمل أن يكون على وجه الاستحباب كما يقوله أهل المقالة الثانية ويحتمل أن يكون على وجه التنصيص عليه. بحيث إنه إذا أحل لا يجوز، كما يقوله أهل المقالة الأولى فالمحتمل لا يصلح حجة إلا بمرجح لأحد المعنيين، فرأينا حديث أبي هريرة قد دل على الاحتمال الأول، فسقط الوجه الثاني. ففي هذا أيضًا إعمال الحديثين، وفيما قالوه إهمال لأحدهما، والعمل بالحديثين أصلى من إهمال أحدهما.
ثم إنه أخرج حديث أبي هريرة من طريقين:
الأول: عن يونس بن عبد الأعلى، عن يحيى بن حسان التنّيسي، عن عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن ثور بن يزيد أبي خالد الشامي الحمصي، عن حُصَيْن الحمراني -بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين- والحمراني -بضم الحاء وسكون الميم- نسبة إلي حُمران بطن من حمير، وربما يقال له الحُبْراني بـ"الباء" موضع "الميم" ويقال له: الحميري أيضًا كما في الطريق الثاني، وهو يروي عن أبي سعيد الخير، وفي التهذيب: أبو سَعْد الخير، ويقال أبو سعيد الخير، ويقال: إنهما اثنان. يقال: اسمه زياد، ويقال: عامر بن سعد، ويقال: عمرو بن سعد. ذكره أبو عمر وأبو نعيم الأصبهاني وابن مندة وابن الأثير في "الصحابة" فتكون رواية صحابي عن صحابي.
وأخرجه أبو داود في "سننه"(١): نا إبراهيم بن موسى الرازي، قال: أنا عيسى بن يونس ... إلى آخره نحوه، مع اختلاف يسير.
الثانى: عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، عن ثور بن يزيد ... إلى آخره.